وأما ما أورد من الآيات القرآنية لإثبات تتابع الأخبار فنحن لم نمنع ذلك على أن ما جاء في هذه الآيات بمثابة النعوت المتتابعة وإن كانت في صور الأخبار كما لا يخفى على (ذي النظر النافذ) بخلاف بيت الأستاذ ونحن لم نستقبح تتابع الأخبار إلا في بيت الأستاذ لما تستوجبه هذه الأخبار من الشطط فإن (شرع) في البيت جمع شارع بمعنى المتسدد أو المرتفع؛ والتسدد أو الارتفاع مناف لقوله (صور) فالصور جمع الاصور وهو المسائل المعرج والإحداق لا تتسدد إلى الشيء أو ترتفع إليه وهي مائلة معوجة، إلا إذا كان صاحبها احول. . .!!! وقد نقدت البيت:
يشكو من الدنيا الأولى لولاهم ... ما كانت الدنيا تحب وترغب
بقولي: ورغب فعل لازم لا يبنى منه المجهول إلا بحرف الجر، ورغب لا يحذف منه حرف الجر، لأنه يتعدى بحرفين مختلفين (فيه وعنه) ويختلف بموجبها وهنا لم يجب
الأستاذ عن جوهر النقد وهو اتخاذ المجهول من اللازم بل تشبث بالعرض، وهو حذف الجر بعد رغب وقد جاء يشاهد من القران وذكر بيتا أورده ابن هشام وكلاهما شاهدان على حذف حرف الجر على (أن) وليس كلامي في هذا، فإن حذف حرف الجر على (أن) بالتخفيف (وأن) بالتشديد قياس، وأما حذفه من رغب فذميم يستقبحه كثير من أئمة اللغة ونحن إنما نحاسب الشاعر على ما يأتيه غير فصيح (وان كان قد شاركه من تقدمه في ذلك).
ورد على نقدي الشطر:(عسوفا إذا ما الخوف قد كان احزما) وهو قولي: (ولا تجمع (قد) للتحقيق والشرط، فلا يقال: إذا زيد قد أتاني لان الشرط مشكوك في وجوده فلا يناسبه التحقيق) فقال: (أصبت لولا (إذا) تستعمل للشرط في حالة التحقيق بخلاف (إن) التي تستعمل للتشكيك (؟!!!) فأقول: أن (إذا) ظرف للمستقبل، تضمن معنى الشرط ومعناها أن الجزاء يتحقق الشرط، فإذا كان هناك تحقيق فهو تحقيق الجزاء عند ثبوت الشرط والأستاذ لم يدخل (قد) على الجزاء، بل على الشرط، وهو ينافي الشرطية