للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوفيهم حقهم ويجلهم إجلالا عظيما.

خدم الأب لغتنا المحبوبة ورفع شأنها وخدمها خدمة صادقة فهو لذلك جدير بالتكريم والتبجيل والاحترام الكثير، ولكل لغة في الحياة صلة قوية بالقومية وعلاقة كبيرة بحياة الأمم السياسية والاجتماعية وقد أجمع العلماء على أن للغة تأثيرا عظيما في حياة الشعوب لأن اللغة أداة لبث الإحساس والشعور وهو قوام الأدب. والأمة التي لا يتفشى فيها الحس

الأدبي لا يتفشى فيها الإحساس الوطني وقد عانت الأمة العربية خلال أربعة عشر قرنا مصائب جمة وتوالت عليها النكبات ونزلت بها الملمات والطامات. وثقوا أيها السادة الأفاضل لولا القرآن الذي يتلوه العربي في العشية والضحى لأصبحت الأمة العربية أثراً بعد عين.

إلا فليعش القرآن! ولتعش اللغة العربية المحبوبة!

أيها السادة في منتصف القرن الرابع الهجري ولد في مدينتنا بغداد هذه علويان شريفان زكيان هما السيدان الشريفان الرضي والمرتضى ولدا العلوي الشريف أبي أحمد الحسيني نقيب نقباء الطالبيين وقد تتلمذا لعلامة عصرهما صاحب الحجج القاطعة الشيخ المفيد رحمه الله وأخذا العلوم العربية الأخرى عن عظماء النحويين والمحدثين والمفسرين واللغويين كابن جني والسيرافي وغيرهم.

وقد نشأ الرضي وبين جنبيه نفس شريفة لا تضام وفي عروقه دم عربي هاشمي وقد غلب على طبعه الشعر كما غلب على طبع أخيه العلم وكان الرضي شاعر قريش وأديب الطالبيين شجاعاً جريئاً كبير الروح فخوراً شريفاً غير آبه لسلطان الخليفة. ومن شعره الذي يخاطب به الخليفة قوله:

مهلا أمير المؤمنين فأننا ... في دوحة العلياء لا نتفرق

إلاّ الخلافة ميزتك فأنني ... أنا عاطل منها وأنت مطوق

وقد نشأ في ذلك اليوم أيضاً أديب كبير وكاتب تحرير هو أبو أسحق الصابئ صاحب الرسائل الشهيرة وكان كاتب الدولة إذ ذاك فتعرف بالسيد الشريف الرضي وتوثقت بينهما عرى الصداقة والمودة وألف الأدب بين قلبيهما حتى أفتتن كل واحد بصاحبه وكان إذا حل شهر رمضان صام أبو أسحق الصابئ مجاراة للرضي وكان إذا قصد أبو أسحق الصابئ الذهاب إلى الرضي مشى إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>