للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه السطور ورأي العالم الكبير المفضال وما هو عليه من سوء الحال وحرج المكان وعرض عليه باسم سيادة الموفد ما يحتاج إليه من الخدم وأطلعه على اهتمام سيادته مع قنصل دولة إيطاليا بأمره وأنه موفد لمراجعة أولياء الأمر في شانة. ثم غادره وسار إلى دائرة الترجمة حيث قابل قدرة بك ترجمان الولاية في ذلك العهد وصاحب الكلمة لدى والي الولاية جلال بك. فلم يسمع الترجمان بوجود الأب الكرملي في السجن حتى دهش لذلك أعظم الدهش وقال له: الكرملي ذلك العالم الكبير هنا! إن أمره يهمني في درجة قصوى وسأصرف جهدي في الإفراج عنه. فأسرع صاحب المجلة فورا إلى سجن الأب والفؤاد منه يطفح بشرا وحبورا وبشره باهتمام قدرة بك بإطلاق سراحه وهو صاحب الحل والربط. فعبس الأب وجهه وقال إن هذا الرجل لهو اعدى أعدائي وقد كاشفني العداء مرارا ببغداد. وقد صدق ظن الأب ففي اليوم الثاني لما عاد إلى زيارته أخبر أنه سبق إلى قيصرية وهناك ذاق من العذاب والتنكيل إشكالا وألوانا. ولكنه ما لبث أن أخلى سبيله وعاد إلى جهاده الواسع في سبيل اللغة والعلم. وهنا نهنئ حضرة الأب العلامة فخر العربية في هذا العصر بيوبيله الخمسيني سائلين الله أن يفسح في أجله ويصل له الأعوام بالأعوام منارا يهتدى به وحجة تساق إليها رواحل الأدباء والعلماء.

صاحب مجلة القربان

الراهب الكامل

لا أريد أن أبين تضلع المحتفل به من اللغة العربية ولا طول باعه باشتقاقها كما أني لا

أريد تعداد تآليفه ولا إذاعة ما فيها من الفوائد للناطقين بالضاد بل جل غايتي من هذه السطور تبيان خصلة من خصاله الحميدة ألا وهي (التقى) شعار الراهب الكامل.

التقى! وما التقى؟ التقى ماء المحاسن والفضائل وعصارة المناقب والشمائل، رحيق رباني يسكر الأفئدة الشريفة بشذاه، عاطفة نبيلة تهيم النفوس الكبيرة بهواها، قبس من نور الله تقطن ربوع القلب الأبية، بل شعلة روحية يستنير بها المرء في سبيل المكارم السنية، فلا عجب أذن أن يكون الكرملي هائما بحبها

<<  <  ج: ص:  >  >>