للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما كان ذائدا بقلمه عن حوضها المتهدم آنئذ غير هياب وغير مبال بخوض غمار أخطار ذلك في أزمان عصيبة جداً.

كنت ذات يوم من سنة ١٩٢٠ أطالع مجلة الهلال فوقع نظري فيه على مقال بعنوان (الثمائل عند العرب) مذيل باسم (مستهل) ولم أكن اعلم حينئذ أن هذا الاسم المستعار هو للعلامة المحتفل به.

قرأت ذلك المقال الممتع وأعدت قراءته ثانية لأحيط بما احتواه من حقائق علمية ولغوية غابت على الكثيرين من فطاحل اللغة من عرب وأجانب فدهشت لما فيها من دقة البحث والاستقصاء وحسن التنقيب عن خفايا موضوع لم يطرقه إلا وكان متدهورا في لجج الخطأ.

أظهر العلامة (مستهل) بذلك المقال أغلاطا عديدة كانت قد وردت في معاجم عربية وإفرنجية وكشف الستار عن حقيقة (الثمائل) مما دل على تضلعه من فقه اللغة والتاريخ تضلعا يغبطه عليه أكثر العلماء، فعرفت (مستهلا) من ذلك الوقت وقدرت له مساعيه العلمية.

أذكر له هذه المزية وهي ليست في الحقيقة إلا قطرة من بحر مكتفيا بذلك عن الاسترسال في تفاصيل أخرى.

أيها الأب الكريم!

إني مغتبط أشد الاغتباط بأن أحيطك علما أنك في بلاد معجبة بمزاياك الطيبة فهي تعرف فيك ولدا باراً تذخره ليخدمها بعلمه وقلمه وهي إذا قامت اليوم تحتفل بيوبيلك الذهبي فإنما هي ترجو أن يمن الله عليك بعمر يوصلك إلى يوبيل ماسي تكون فيه قد حققت لها نفعا أكثر مما حققته الآن.

فسر إذن مزوداً عونه وبركته وحقق ما تأمله فيك البلاد من نفع يعود عليها وعلى لغتها والعلم بالخير الجزيل.

توفيق السويدي وزير المعارف

<<  <  ج: ص:  >  >>