للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مؤلفاته الخطية النفيسة التي يستفيد منها زائروه ومكاتبوه دون أن يستطيع هو نشرها لأنه ليس من رجال المال والدنيا، بل مثله يعيش في تقشف وزهد عيشه العالم المخلص الذي يضحي بكل نفيس حباً في العلم؛ ولذلك نلح على لجنة الاحتفال أن لا تغفل هذه المسألة الهامة من برنامجها برا يجهد هذا الرجل العظيم.

ولسنا في مقام سرد لسيرة فضيلة الأب وأن تكن مشهورة مأثورة، وقد ألمت بها مجلة (الحرية) في عدد آذار سنة ١٩٢٤م. كما نوهت بها غيرها من المجلات العربية. فحسبنا أن نقول هنا أن الكرملي في آثاره اللغوية الإصلاحية يقابل الإمامين جمال الدين الأفغاني

ومحمد عبده المصري في إصلاحاتهما الاجتماعية والفكرية في العالم العربي، كما يقابل العلامة الزهاوي في نهضته التجديدية للشعر العربي. وللكرملي تلاميذ عديدون بين كبار الأدباء، وأصدقاء كثيرون ينتفعون بعلمه وإرشاده، وقد نالت مجلته اللغوية (لغة العرب) أضعاف ما نالته في وقتها مجلة (الضياء) التي كان يصدرها المغفور له الشيخ إبراهيم اليازجي وإطلاع الأب الكرملي غير محصور، كما أن إنتاجه نشرا وخطا وافر عظيم، هذا إلى جانب مجالسه الأدبية المشهورة التي يؤمها صفوة أدباء العاصمة العراقية وأسلوبه في النقد اللغوي أسلوب علمي محكم منقطع النظير، وأين لنا سواه المتضلع من بعض ما يعرفه من لغات وعلوم يطبقها تطبيقا سديدا شائقا في أبحاثه الفريدة؟ وحسبنا أن نشير إلى مساجلته اللغوية مع الأستاذ جبر ضومط، وإلى نقده البديع لمعجم (البستان) و (للأغاني)، وتصحيحه أغلاط المعاجم المشهورة، ناهيك بمؤلفاته الجمة التي يقتبس منها قاصدوه؛ وهي حبيسة ترتقب الناشر الأديب المقتدر، ناهيك بمباحثه اللغوية الموفقة التي كثيراً ما نقلت إلى اللغات الأوربية وتهافت عليها العلماء المستعربون ومحبو التمحيص والتدقيق اللغوي.

فالاحتفال بيوبيل الكرملي جدير بأن يكون منقطع النظير تقديراً لمنزلته ومراعاة لهذه المناقب والمآثر على الأخص:

١ - تضحياته الجمة هذا العمر الطويل بالصحة والمال والجهد وبمصلحته الشخصية في سبيل اللغة العدنانية الشريفة رفعا لمكانتها، وصيانة لفرائدها، ودفعا لما يشوه جمالها، وتنقيبا عن حسناتها المستورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>