للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العزيزة تحت مستوى اللغات الأخرى، وبعد إن كانت سابقة مقلدة، أصبحت لاحقة مقلدة! هاهو ذا تاغور شاعر الهند الأكبر، قد رفع مقام لغته وشأن أمته رفعا عاليا بين الغربيين، وسحرهم ببنات أفكاره. فترجمت تآليفه إلى كثير من اللغات الأجنبية، حتى إلى العربية، وأشتهر شهرة واسعة، وليس من متعلم في أوربة لم يقرأ منه شيئا، لو لم يسمع بصيته على الأقل. وهاهو ذا قد نال جائزة نوبل منذ سنوات عدة. فهل من أديب أو مؤلف في العربية عصري ترجمت مؤلفاه أو بعضها إلى لغة أوروبية واحدة؟ ولا نقول نال بها جائزة نوبل وإنما نود أن نعلم أنال شهرة فيها، ولو طفيفة! لا نسأل عن الجواب، فهو معلوم للجميع. . . وإذن من أولى باللوم وأحق بالتقريع؟ أهذا دليل على عقم العربية، أم على عقم ما تنتجه قرائح الكتبة عندنا؟ لا شك أن أمر اللوم يقع على الكتبة، فليس من يكد نفسه ليستخرج من أعماق روحه شيئا مستقلا عن القديم موسوما بطابعه الخاص، ممتازا عن غيره، ولم يحتذ فيه أسلوب قدماء كتاب العربية في التعابير والوصف وغيرهما، بل يشق له طريقا من جوفها فيخرج ما هو شاعر به، لا ما صاح به الثعالبي والأصبهاني وبديع الزمان والبحتري والحريري والجاحظ وسواهم من الأعلام. على أن من كتابنا الآن، من يسير على الطريقة الأوروبية الصميمة، حتى في التعابير، وهذا ما يضر بلغتنا، بغض النظر عن أن هذه في مواضع كثيرة أبعد عن أن توافق اللغة العدنانية. ونرى الأفضل اتخاذ الوسط بين طرق الإفرنج وتعابيرهم وطرقنا العربية وتعابيرها. وقد قيل (خير الأمور الوسط).

ليس في العربية عقم وليست هي دون باقي اللغات المعروفة. فإذا ما كتبنا يوما من الأيام، في العلوم التي أندفع تيارها من أوروبة علينا، ولم نجد لبعض المفردات والاصطلاحات،

والتعابير أوصافا لم تعرفها العرب، فلم لا نذهب إلى الاستعارة فنأخذ تلك الكلمة ونكيفها ونصقلها لتوافق العربية، أو نذهب بأن نجعل الاشتقاق فيها فياسياء، وأن نفتح باب التعريب على مصراعيه - ذلك الباب الذي سد في وجوهنا، كما سد باب الاجتهاد في الدين -، وبأن نفهم أن مفردات اللغة إنما تتقرر باستعمال العامة اللهم إلا مصطلحات العلوم والفنون فأنها تتقرر بوضع

<<  <  ج: ص:  >  >>