للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحور ويجلون السوسن والأذريون والبابونج والأقحوان، والهندباء والقطن ولا سيما التنويم (دوار الشمس) وجميع النباتات التي تتأثر من حركة الشمس فتدور أوراقها بدوارنها، ويجلون من الحشرات الوزغة وأبا بريص والحرباء للزومها جميعاً حرارة الشمس، ويعظمون الذهب لأنه لون الشمس ولأنه يقضي جميع حاجاتهم إذا ما كان بأيديهم.

ويزعمون أن كل من لا يجل الشمس ويعبدها يهلك لا محالة ونصيبه النار الخالدة. وليس لهم كتب منزلة أي مقدسة ولا يعرفون القراءة والكتابة ويحرمونهما على أبنائهم وبناتهم. ولهم في السنة عدة اجتماعات يعقدونها في الأسراب أو في المغاور. وربما خالفوا بين كهف وكهف في كل مجتمع لكي لا يهتدي أحد إليهم ويفاجئهم وهم في ذلك المعبد المتخذ إلى أجل مسمى لا غير واليهود والنصارى والمسلمون الذين في أنحاء ديارهم يشيعون عنهم أنهم يأتون المنكرات في تلك الحتشدات. والذي يمكن أو أؤكده للقارئ أن هذه الإشاعة من الأراجيف لأن أخلاقهم وأبدانهم وصحتهم تشهد على أنهم لا يعرفون فساد الآداب ولا يطلقون لأنفسهم الأعنة لشهواتهم وأميالهم السيئة. وإذا اجتمعوا كان فيهم الرجال والنساء معا وهم لا يفرقون بين شق وشق فللمرأة حق مثل حق الرجل وهم يساوون بينهما ولا يفضلون الذكور على الإناث على ما يرى عند أصحاب بعض الأديان الأخرى المنتشرة في الشرق ومسألة اتهام أرباب الأديان الخفية بارتكاب المنكرات في مجتمعاتهم ومعابدهم شائع ذائع في بلادنا الشرقية وينسبونها أيضا إلى الشبك واليزيدية والدروز وكلها افتراء محض.

وفي تلك المجتمعات يتشاورون ويتباحثون ويلقن كبارهم بالغيهم من ذكور وإناث أسرار ديانتهم ولا يجيزون لواحد أيا كان أن يشهد ذلك الحفل ما لم يكن بالغاً حافظاً للسر وعرف بينهم بحسن السلوك والآداب. وهم يذكرون للريضين منهم الأحداث أن من يفشي السر عقابه الموت أينما يحل أو يرتحل، وإذا أنكر أحدهم دينه وصبأ إلى دين آخر لا يفشي سرا من أسرارهم ولو قطع أربا أربا.

وإذا كان صاحبي أفشى بعض ما كان يعلمه فأنه فعل ذلك لأسباب:

١ - لأنه تنصر وهو في عمر ٣٥ سنة وقد ناهز السبعين ومل الحياة ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>