للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفريقية أي وضعه إلى جانب (حنيبعل والقديس اغسطينس) وقد تعمق هذا الكاتب أيضا في درسه وخصص له مكانا رحبا في كتابه الفريد (عصور المغرب المظلمة). . . أجل! إذن فالبارون الفاضل لم يهضمه حقه بل وفاه إياه كاملا ولا نبالغ نحن إذا قلنا عنه أنه أحد الأدمغة العظيمة التي أنجبتها العرب في ميدان الإنسانية المفكرة الشاسع.

ونعبر إلى الجاحظ ونظام الملك وأمثالهما الفطاحل وإذا نحن نقف فجأة أمام مطلع فصل (الأمثال والقصص) فنراه يتحدث لنا عن الآداب العربية. . . ما هذا؟ ليس هذا من موضع الكتاب كما يومئ اسمه! نعم! فالبارون الفاضل يحدثنا أن ليس هذا من اختصاصه ولكنه يجب أن يدلي ببعض الرأي وحسنا فعل؛ فبذا يعطي القارئ على الأقل فكرة عن الآداب العربية مصغرة تصغيرا حسنا. ويقف من ناحية الشعر موقف الكثير من المستشرقين. فهم جميعا يرون في الشعر الفارسي وفي التركي المعاصر تفوقا عليه في الرخامة والتصوير والإبداع والرقة ولعلهم مصيبون؟ ويتحدث عن بعض فطاحل الشعراء الجاهليين والإسلاميين كعنترة والنابغة والأخطل وجرير والمتنبي ويقتطف قطعة من ديوان الذبياني - المنقول إلى الفرنسية بعناية ديرانبور - ويمتدح الأمثال في العربية ويقول أنها مما تكسب العرب فخرا حميدا. ويصف كتب جوامع الأمثال كالزمخشري والميداني ومن هوى مهواهم وتنتهي فإذا هو يتحدث إلينا عن لقمان الحكيم وكتاب كليلة ودمنة. ولا نتعجب ونذهل أن وجدناه خصص حصة من بحثه الطريق بحكايات ألف ليلة وليلة؛ فلها في أوربة حرمة وبين المستشرقين الكرام مكان معتبر - حتى أن أحد الأمريكيين خصص لها اليوم نور حياته للوقوف على منشأها وأصلها وكيفية دخولها في هذه المجموعة اللذيذة - وعليه نراه يتحدث معنا عنها ويبحث في بعض قصصها المشهورة. وهكذا ينتهي الجزء الأول.

الجزء الثاني

والآن نتناول الجزء الثاني فهذا يصوب بحثه نحو مواضيع كان للعرب في بعضها جزء من الفخر جميل ولهم بها يد كريمة فيتلخص البحث عن أرباب الجغرافية وعلماء الرياضيات والطبيعيات. في هذه يختلف تأثير مواهبهم حسبما

<<  <  ج: ص:  >  >>