المفقودة؛ وفر بهرام إلى بلاد الأتراك جيرانه. وأجاز ابرويز رجوع الجيش البوزنطي بعد مكافأتهم خير مكافأة، ودخل عاصمته المدائن ظافرا. وقد حاول أن ينتقم من بهرام الخائن فتمكن من رشوة زوج الخان، وهكذا قتل المغتصب. أما زوجته أو بالحقيقة أخته إذ يجوز في شريعة الفرس زواج الاخوة فسافرت إلى بلادها بعيد قتلها أخا الخان الذي رامها حليلة. وهناك شكرها أبرويز على نصحها بهرام ولومه في ثورته. وتزوجها وتزوج أيضا شيرين الجميلة التي كادت تجلب على رأسه من سخط الشعب ثورة نارية رائعة، لأن زوجته الجديدة كانت وضيعة الأصل غير جديرة - على زعمهم - بهذا المركز السامي. . . واتفق أن هاج الشعب البوزنطي على موريق والد زوجة مارية وأتى ولده مستنجدا العجم. فأرسل ابرويز على الفور جيشا لجبا لرد العرش إلى أهله ومعاقبة المغتصب. . . وتمكنت إحدى فرقه من الاستيلاء على أورشليم، وتوصلت إلى الاهتداء إلى الصليب الأقدس في حقه الذهبي. فدفنه في حديقته. ثم تولى بعد ذلك ملك بوزنطية هرقل - الذي تم في أيامه افتتاح العرب سورية - وفي حكم ابرويز تمت واقعة (ذي قار) التي يهللها العرب.
وكان في نفسه نزعه شائنة، إلى سفك الدماء، وإزهاق أرواح العباد فكان حكمه قاسيا جدا، حتى قال هو نفسه، إنه منذ السنة السادسة والعشرين من حكمه إلى الثامنة والثلاثين، (لم تكن السماء تتحرك إلا بحسب إرادته) أي لم يكن أمر يحصل إلا بموافقته فأمام هذا الاستبداد الوحشي، ثار الشعب وولى أبنه، من الأميرة مارية، مكانه. ثم أجبر هذا الابن المسكين، الذي كان ألعوبة في أيدي كبار الدولة، على الأمر بقتل والده، فأزهقت روحه بالفأس وقد سر موته البلاد العربية، وعلى الأخص نبي الإسلام، الذي كان وقتئذ في المدينة. فقد علم أن موت هذا الملك الصنديد، يجعل بلاد العجم بأسرها فريسة باردة؛ لأي مهاجم فاتح، واستنتج، ما تحقق بعدئذ على أيدي الصحابة ووطنييه. . . وانتحرت شيرين على قبر خسرو بعد أن ندبته مر الندبة.
وبعد أن أكمل ابن خسرو ابرويز عقوقه، بقتله أخوته السبعة عشر، كما طلب إليه الكبراء والأشراف، تملكته السوداء، ومات بعد حكم ثمانية أشهر،