للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملعونة من السماء والأرض، ومنذ ذاك الوقت أسرعت فارس في خطاها الواسعة نحو الهوة والخراب، وفي زهاء ست سنوات، تعاقب على حكمها ستة ملوك، بينهم امرأتان، من بنات ابرويز، فالأولى، كانت ذات مقاصد حسنة، وقد أرجعت إلى انبراطور الإغريق الصليب المقدس. وبعد هذا التدفق الملوكي على العرش الفارسي، ارتقى آخر ملك من بني ساسان، المدعو يزدجرد، وكانت دولته إذ ذاك، في غاية من التضعضع، وسوء الإدارة، والارتباك، فما كانت السنة التالية لحكمه القصير، إلا والفتح الإسلامي يمد يده المسلحة نحو بلاده المرتبكة. فحارب بشدة وبطولة. لكن عبثا. وبعد أن كان لفارس أعز مكان، وأرهب ذكر، سقطت هذا السقوط المنكمش واستولت العرب عليها وأمحقت دولة الساسانيين، بعد أن عاث آخرو ملوكها فسادا وزرعوا الشر فيها فحصدوا ما زرعوا.

وننتهي إلى بلاد العرب في الجاهلية، فنرى بعض بحث ونقد عما يشاع عن الجاهلية، ونجد تاريخ اليمن وهذه كما نعلم لها مركزها الحقيقي، في عهد الأعاجم والأحباش، فلا جرم أن تلاسنتها العرب بعد إسلامها، وللمجد آثار، قد تؤدي إلى الخرافيات، كما حدث. وإذا بذي نواس يهاجم نجران المسيحية، فيهدمها ويدعو إلى اليهودية، ويعمل السيف في أهلها. فيمحقهم، وترقص في الهواء رؤوس عشرين ألفا! وترشد المصادفات وسائل الهرب

من هذه الجحيم الإنسانية، لأحد أبنائها التاعسين، مستنجدا شهامة قيصر الروم، وهذا يبعثه إلى الأحباش؛ وهاهي ذه الجيوش تخترق العباب لمعاقبة الجاحد الظالم. وها نحن أولاء وقد انتهى كل شيء، واستولى أبرهة على اليمن فيا للإجارة من الرمضاء بالنار! فاستجاروا بالفرس، فأنفذوا إليهم جيشا، أنقذهم من وبال الحبشة، ولم تطل هذه، حتى ظهرت الدعوة الإسلامية، وكان من أمرها المعروف أن انضمت اليمن تحت اللواء الموحد.

إن نأخذ على كرا دي فو أمرا في هذا الموضع؛ فنحن نستغرب منه أشد الاستغراب، أن أهمل كل الإهمال، الأب المأسوف عليه لويس شيخو، فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>