وبلغت دولة بني أمية علاها وذراها في أبهة وعز عبد الملك - وولده يزيد - إنما كانت
بلاد العرب وفارس والعراق تلتهب ثورات وانتفاضات، ولا يخفى على القارئ ابن الزبير. فكان والحالة الخطيرة هذه لابد لدعم وتثبيت السلطان من وال صخري الفؤاد فولاذي الإرادة وكان واجبا أن تقذف الصحراء العربية هذا المثال - وكان أن لفظته، وإذا شبح الحجاج المرعب ينكشف عنه الستار فيرسل صاعقة غضب ونقمة. وجال هذا جولاته الدموية ما بين مكة والعراق فأباد الثوار والخوارج ومحقهم محقا وأجرى من الدماء أنهارا وطفحت المحابس والمطابق بما لا يقل عن خمسين ألف رجل وثلاثين ألف امرأة حسبما وجد فيها عقب وفاته. وعليه قويت شوكة هذه الدولة واشتد ساعدها وامتدت أصولها من الشرق إلى الغرب إلى أن ظهر السفاح والمنصور وقد ابتدأ الخمول والانحلال يدبان فيها فلاشياها فتأسست على الأنقاض الدولة الجديدة: دولة بني العباس.
ثم نلاعب صفحات فنحن نقرأ عن الحديث الكريم وعن أوائل رواته كابن عباس وعائشة وأبي هريرة وسواهم من أصحاب الإسناد. ثم نجد بعد ذلك جماعة كالبخاري ومسلم كما يتلوه فصل واسع في الفقه وفي المذاهب الأربعة وأئمتها العظام ففصل في تحليل المؤلفات الذائعة الصيت في الشريعة والفقه الإسلاميين ثم يختم الجزء عن مفسري القرآن.
الجزء الرابع
إن هذا الجزء الرابع لا يقل أهمية وتقديرا عن سالفه فهو بما حواه عن الفلسفة (المدرسية) وعلم اللاهوت والتصوف والموسيقي لغاية في الفوائد ويبتدئ فيحدثنا عن الحكماء؛ ونحن نعلم أن معالم (مدارس) الحكمة العربية منقسمة إلى قسمين أحدهما: المدرسة الشرقية؛ والثاني: المدرسة الغربية. ولهذا بدئ الكلام أولا عن الشرقية وأركانها الفحول: الكندي والفارابي والرئيس ابن سينا، ثم تلتها الغربية وإسنادها: ابن رشد وابن الطفيل.
لما كان مرجع الفلسفة العربية - وبكلمة أوضح (الإسلامية) - الفلسفة