للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العظيمة التي اشتهر بها في العالم العربي بل وفي مجامع العلم الغربية اشتهارا ذائعا.

ونقول اليوم أن نجاح هذا الحفل الأدبي الفخم في عاصمة العباسيين وتضافر أعلام الأدباء على تقديره برغم الفروق السياسية والجنسية والدينية دليل كاف على أننا معاشر العرب قد بدأنا ننفض عنا غبار التعصب الذميم ونقدر الفضل لصاحب الفضل أينما كان وكيفما كانت صبغته الشخصية الخاصة به كما هو شأن الأمم الحية.

وقد نبه هذا اليوبيل أذهان ذوي العقول الراجحة في مصر وسورية والحجاز وتونس والهند فضلا عن العراق وبقية أقطار العالم العربي إلى المزايا الفذة التي يتحلى بها فضيلة الأب الجليل المحتفل به وشعر الكل بأن لنا في هذا الرجل العبقري الإمام الضليع الأوحد البصير بفلسفة العربية وفقهها بدرجة لم تعهد بعد في عصر من عصورها السالفة حتى في العهدين العباسي والأموي، إذ لم يكن بين اللغويين في ذلك الوقت ما للأب المحترم من تضلع وافر من علم مقارنة اللغات فضلا عن بصره النافذ إلى أسرار العربية ومعرفته بلغات شتى قديمة وحديثة. ونحن نعلم أن وزارة المعارف المصرية اهتمت جد الاهتمام بآثار الأب الجليل ووجهت أولى عنايتها إلى مجلته النفيسة (لغة العرب) التي هي مرجع محبي العربية لما فيها من مباحث لغوية مبتكرة لا ينضب لها معين، ومن فتاوي قيمة لا يستغنى عنها ومن نقد أبي ممتع كله نزاهة وصدق وفائدة. ونعرف أيضا أن إدارات التعليم في الحكومات العربية الأخرى لم يفتها التفكير في الاستفادة من علم فضيلة الأب المحترم،

كما نعلم أنه في مقدمة الأعضاء المراسلين المرشحين للمجمع اللغوي المراد تأليفه قريبا. ولكننا نرى أنه يجب أن يكون الانتفاع من مواهب الأب الكرملي أعظم من ذلك، فمثل هذا الرجل لا يجود به الدهر إلا مرة في عصور وينبغي أن تعد مواهبه ملكا للعالم العربي بأسره، وأن تتضافر حكوماته على استغلالها وعلى إخراج تآليفه الجليلة العديمة النظير. وما نشك في أن وزارة المعارف المصرية وحدها قادرة على تحقيق ذلك إذا قصرت الحكومات العربية الأخرى في هذا الواجب. وعيب وحرام أن نبقى مشغوفين بالفرنجة وننسى مواهب الأعلام من رجال العرب فلا نعرف كيف نستفيد منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>