ليس له حظ كبير من الفائدة لأبناء الاطلاع، غير انه يصور للغربيين صورة حسنة عن حياة صاحب الحركة الإسلامية العظيمة حسبما يؤمن بها المسلمون، وقد قسم كتابه قسمين أحدهما (مكة) في عشرة فصول، يبحث فيها منذ عهد الجاهلية وحين مولد النبي، إلى زمن هجرته، والثاني (المدينة) في أربعة عشر فصلا يتناول زمن الهجرة فما تلاه من الحوادث ذات التأثير الحاسم في تاريخ الإسلام البدئي، إلى وفاة الرسول، ومما يستحسن تتويجه لكل فصل من أثره بترجمة آية قرآنية أو نتفة من الحديث أو بيت شعر وغيره من بواعث الحكمة. إنما ينكر عليه في معرض بحثه تعلقه بأدران بعض الأوهام الشائعة، وتمسكه بآراء صدئت فبليت تحيط به
هالة بذله وجهده العظيم، في ميدانه الجديد. ثم أن به بعض الخلط والتبجح. يشعر بهما القارئ منذ المقدمة وكنا نود أن يعرض عنها وذلك كما في ادعائه على (الفن العربي)(ص ١٣٩) وهو كما نعلم المحور أصلا عن البوزنطي - ادعاء والسوري أصلا ومنبتا - إذ لنا بقية اجيا صوفا (كنيسة الحكمة المقدسة سابقا) بالآستانة أصدق شاهد وأفصح دليل على منبع (الفن العربي) ومحيط اشتقاقه. . . ثم يدعي أن الأوس والخزرج، كانوا أوان الهجرة من المشركين (١٧١) والحقيقة أن الأوس كانوا وثنيين والخزرج يهودا، وإن رجع أصل دينهم إلى جذور صابئية ووثنية كما هو معلوم عند الجميع، إن يثرب حين الهجرة كانت إذ ذاك شطرين قسم لقريظة والنظير وبهدل، والآخر للأوس والخزرج ومن إليهم، وجميعهم كما ينعتهم العرب (أهل الكتاب). . . ومثل هذا لا يخفى على القارئ الشرقي، ولا الإفرنجي المطلع على شيء من التاريخ الإسلامي عامة والعربي خاصة. . . والكتاب يتضمن شيء ليس بالقليل. . يحتاج إلى ملاحظة وتدقيق نظر.
وعليه إن هذا الكتاب هو المجهود الثاني لهذا الكاتب في دائرة المباحث الشرقية بعد كتابه (القصص الفاسية)(الذي نشره بمعاونة محمد الفلسي) وقد نشره مسايرة لنرى الكتابة عن الشرق. فلذا لم نجد فيه أمرا إذ لم تكن