الآراء جزءا فجزءا بدليل بعد دليل ليتبين فضله ويظهر علمه فتتجلى الحقيقة فإذا بصاحبنا يذكر عناوين فصولنا ويحشو عبارته هراء وخرفا ولا تكاد تستخلص منهما شيئا يذكر. فيقول مثلا ص ٢٠٨:(لا أيها الأب العلامة ليس العربية هي التي هتكت أستار هذه الأسرار (قلنا: هذه عبارته ولم نغير منها حرفا فمن أراد أن يفهم فليفهم) بل أنت الذي هتكتها. وهنا أقول (هذا كلام الأستاذ جبر ضومط) إني استغربت منك إنك اكتشفت أن التاءات الزائدة في تمساح وترمس وتنضب وتذرج وترنموت هي أداة التعريف وغفلت عن أن تحسب الياءات الزائدة في يربوع ويعفور ويعبوب ويرقود ويعسوب الخ أداة تعريف مع إن ردها جميعها إلى تلك الأداة (أي إلى الياء) أسهل على الذهن وأقرب إلى القبول من رد تاء تمساح وترمس وثاء ثرملة) انتهى كلام الخصم.
أفهذا كلام رجل متمتع بجميع قوى عقله؟ أفليس الأحسن له أن يكسر قلمه ويلقيه في النار
فيصون بذلك عرضه وسمعته وثمالة عقله وعلمه ولا ينطق بمثل هذه السفاسف التي ليس فيها إلا المهاترة والمعاندة وحب الهزء من الناس والنيل منهم عوضا من أن يأتي بالبرهان السديد لينقض أدلتنا بأدلته فيصدق أن يقال عنه: نقض أدلة بأدلة؟ لكن أعلم يا صاح إن أربعة من العلماء الراسخي القدم في اللغة والنقد كتبوا إلينا يمدحوننا على ما بيناه ويشكروننا على ما حللناه من أدوات التعريف ثم يقول أحدهم وهو من المستشرقين الإثبات (قد سبقكم إلى اعتبار التاء في تمساح ونحوها من الألفاظ أداة تعريف وقد أخذها العرب من المصريين الأقدمين فهي عندهم أداة تعريف للمؤنث كما أن الباء في مثل بامياء وبطيخ وبطارخ وبطلينوس أداة تعريف للمذكر عندهم أيضا وقد نقلها العرب عنهم بلفظها وبأداة تعريفها معا. اهـ فهذا كلام رجل عاقل محقق لا ما يكتبه جبر ضومط عن موجدة وضغينة ملفقا أقوالا تشبه تلفيق (الخنفشار) إذ مقاله كله على هذا القياس من الخبط والخلط والهذر والخرف والهراء حتى إنه لا يمكنك أن تجمع شتاته لترده إلى فكر معقول. فالكلام الموزون بمعيار الفطنة والأسلوب المؤدب الذي يجري عليه أهل النقد. كل هذا وما أشبهه بعيد عنه لأنه متشبع من نفسه ومن آرائه ولا يريد أن يرى