للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرض للخطأ والنسيان فأحببت أن أنبه على ما زاغ به قلمه (دام عزه) بعد ذكر عبارته وإيرادها حرفيا، قال:

(وفي القرن الرابع عشر الميلادي أي وقت جمود الأدب العربي. وجد شيء منه مثل (بند) ابن الخلفة وقد عارض تلك القصيدة النثرية أدباء عصره).

فأقول لم يرو لنا المؤرخون في كتبهم ولا شاع على الأفواه مما اتصل بالخلف عن السلف بطريقة (الرواية) أن (الأدب العربي) قد جمد وجفت قريحته في ذلك (القرن) وصار ساكنا بعد أن كان متحركا، وجمادا بعد أن كان حساسا، ولا في غيره من القرون السابقة له واللاحقة به (نعم) رووا أن للأدب العربي أدوارا وأطوارا في جميع الأقطار والأمصار تارة تراه يعلو فيها، وأخرى تجد يهبط وينحط بها، وطورا تشاهده يرتفع، أوانا تنظره يقع حتى آل أمره إلى عصرنا الحاضر ولا يقولون (جمد) لأن الجمود يوجب قطع سلسلة الحركة للأدب العربي تلك السلسلة التي اتصلت بنا واستمرت إلى هذا القرن العشرين.

وأما (ابن الخلفة) محمد الأديب المعروف الحلي الأصل والمولد والنشأة والتربية مخترع طريقة (البند) في عصره وغيرها من الطرق البديعية والمناهج المبتكرة الرائقة في (الأدب

العربي) صاحب (البند) المشهور الذي مطلعه (أيها اللائم في الحب، دع اللوم عن الصب فلو كنت ترى حاجبي الزج (كذا) فويق الأعين الدعج، أو الخد الشقيقي أو (الريق الرصيق) الخ فلم يوجد في (القرن الرابع عشر الميلادي عصر الجمود) كما قال الكاتب كلا بل وجد متأخرا في عصر حركة الآداب العربية على عهد منشطها وباعث دواعي تطورها وتقدمها (داود باشا) والي العراق أوانئذ من قبل (حكومة آل عثمان) المتوفى سنة ١٢٤١ هـ ذلك الرجل الذي كان إناء أدب وفضل وحزم وعزم وكرم وسخاء اتصل به فريق من شعراء العراق وخطبائه بعصره فأدر عليهم الأموال الجزيلة وتكفل بحاجات كثير منهم وعلى الأخص (الشيخ صالح التميمي الشاعر الحلي المتوفى سنة ١٢٦١هـ) الذي جعله (داود باشا) همزة وصل بينه وبين أدباء العراق وبواسطته كانوا يتصلون به، ويزدلفون إليه، وتحبب كثيرا إليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>