رحلوا عنه بعد أن أقاموا عنده شهرين في تخويف وترغيب فالتقوا بها ركن الدين صاحب الروم متوجها إلى هولاكو شاكيا لأخيه عز الدين فبعث معه رسولا إلى عز الدين فوفق بينهما أن اقتسما بلاد الروم.
٨٤ وفي هذه السنة (يعني سنة ٦٥٨) استولى هولاكو على حلب وكان نزوله عليها ثالث صفر ولما وصل خبره إلى دمشق بعث الملك الناصر جمال الدين أيدغدي أحد مماليكه لكشف الأخبار فلما وصل إلى حلب وقع عليه (كذا) التتار فقبض جمال المذكور وأحضر بين يدي هولاكو وسأله عما جاء فيه فأقر فخلع عليه وقال: (لا تخف من يرى وجهي ما
يموت). ثم أمر بأن يطاف به على العساكر التي له فلما رآها قال له: سر إلى الملك الناصر وعرفه ما رأيت وقل له عني: أنا ما جئت إلا بكلامك وكلام رسولك الحافظي لأنك قلت إن أكثر عساكرك لا يوافقونك على طاعتي وأنهم يمنعونك من الوصول إلي وأني جئت لأقتلهم فإن قدرت أن تجيء فتعال وأنا أعطيك البلاد وإن لم تقدر فخذ من يوافقك على طاعتي واهرب بمن بدا وانحاز إلى بعض القلاع لا تحقق طاعتك فأكافئك. ثم شرعوا في الحصار وحفروا خندقا حول البلد ونصبوا المجانيق وبنوا سورا أبوابها تجاه أبواب البلد وجدوا في القتال إلى أن ملكوها يوم الاثنين تاسع شهر ربيع الأول. . . فأقام هولاكو بحلب بعد أخذها ستة عشر يوما بترتيب أحوالها ثم رحل عنها إلى حارم وأمر بخراب الأسوار. فلما اتصل بالملك الناصر استيلاء هولاكو على حلب خرج من دمشق وصحبته عساكره وبقي في دمشق الزين الحافظي ونجم الدين أمير حاجب فلما وصل إلى الكسوة لامه الأمراء على استبقاء الزين الحافظي ولم يقتله. فأرسل إليه يطلبه فغلق أبواب دمشق وسيره إلى التتار يطلبهم لتسليم دمشق فوصلت جماعة من نواب هولاكو فدخلوا المدينة وأنزلوا في دار الحقيقي وحكموا أياما قلائل وحصر بدر الدين قريجا النائب في دمشق فلم يسلم القلعة ونصبت المجانيق لمحاصرتها وافتاه محيي الدين بن الزكي وكمال الدين التفليسي بأنه لا يحل له القتال فلم يلتفت إليه (كذا) وأمر عليه إلى أن وصل كتبغانوين وكان هولاكو قد بعثه في عسكر إلى الساحل وديار مصر فنزل على القلعة وحاصرها فلما اتصل ببدر الدين توجه الملك الناصر إلى الشوبك وتفرق عساكره أيس