لقد أرادت أن يكون (إغماض الجفون تناعسا) ولا غرو فبين الردى والنوم نسبة وقربى، ولم ترد أن يمحى اثر جلال جمالها في كل حين حتى حين إمعان روحها في اللانهاية، انتحرت كليوباترا حين رأت أن حيلتها لم تعبر على اكتافيوس، فإنها تخيلت أسره بقواتل لحظها، كما أسرت قبلا قيصر الرومان فرأت من ازدرائها لجمالها ما آلمها وأمضها ثم سنح
لها مكرها ودهاؤها ففضحت تحايله عليها في شروطه، فحذرت أن عقباها قد تكون كعاقبة المدعية سلالتها زنوبيا مع اورليان، فتقاد إلى روما مكرمة ذليلة، وتكون هدفا لزهو انتصار اكتافيوس، وكيف ترضى وهي (بنت الحياة) وقد تعلمت منها المراوغة والرياء أن يلاقيها هذا لشنار، فاهتفها شوقي في مواقع عدة صرخات قد لا تشك في إنها مرت بخاطرها في دقيقتها العسيرة:
يا موت! أنت احب أسرا فاسبني ... لا تعط روما والشيوخ عقالي!
سطت روما على ملكي ولصت ... جواهر أسرتي وحلي آلي
أأدخل في ثياب الذل روما؟ ... واعرض كالسبي على الرجال؟
وأحدج بالشماتة عن يميني ... ويعرض لي التهكم عن شمالي؟
وألقى في الندي شيوخ روما ... مكان التاج من فرقي خالي؟
وأغشى السجن تاركة ورائي ... قصور العز والغرف الخوالي؟
وتحكم في روما وهي خصمي ... وتسرف في العقوبة والنكال؟
يراني في الحبائل مترفوها ... وقد كان القياصر في حبالي!
يحاول قيصر من المحا ... ل ويذهب في غير وجه الطلب
يريد ليعرضني في غد ... على شعب روما كأني سلب
ويفضح روما وسلطانها ... وتاج العصور وعرش الحقب!
ويعيد شوقي مزية الجندي الروماني لانطوان بعد أن حاول إفقاده إياها، في