للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنحن إذن نستشف خلو الأبيات من التصنع والتكلف والتجمل التي تفسد عليه روائع ديوانه وتكشف لنا روحا جديدا له، نود من كل فؤادنا أن تلازمه في أشعاره، فتظل ظاهرة فتانة كما عهدناها هنا، وتنقشع تلك السحابة القاتمة التي عرفناها تعكر جو سمائه وبذا نستطلع قليلا ضياء شمسه. ولا ننكر أن هذه الفاجعة المبتكرة أعجبتنا بما حوت من أفانين وإبداع وسلاسة وقد زادها حسنا ورواء انه لم يتقف فيها قافية واحدة ولا لزم بحرا واحدا بل ذهب إلى إبدال القوافي والبحور على مدار القصة بل ذهب إلى اكثر من ذلك إلى إبدالها أيضاً في معرض ترسل اكثر الأشخاص. فأظلها طلاوة وروعة ودفع بالإملال الذي كان سيراوحها حتما. وهذا المبتغى والطلب في الروايات التمثيلية الفنية البديعة.

والآن لنقف الاسترسال عند هذا الحد من بحثنا في روائع الرواية ولنعرض بالفحص هنيهة بعض مسائل (النظرات التحليلية) أو بالحري لما أراد من صبه من تاريخيات في ذيل القصة. فان الفاجعة أولا من حيث هي قصة تمثيلية شعرية لا يراد بها سوى تدوين حادث،

وإعادة ذكرى ملكة عظيمة توجت على ديار مصر نيفا وعشرين عاما وأسرت ببهائها وروعة جمالها ملوك وأمراء العالم المتمدن، وعاصرت اعظم عظماء الرومان لخليقة بكل مدح وثناء. ثانيا: - من حيث جودة تنسيقها ووقائعها وفصولها لا تقل قيمة في عرفنا عن كثير من الروايات الغربية العصرية، أما من حيث شعرها وتعابيرها فقد أرسلنا سافا قولنا الفصل فيها. . . إنما من حيث هي رواية تاريخية، وهنا نقطة الضعف، يراد بها محض دعم حوادث (تاريخية) وتأييد نظرات وطنية وخواطر تاريخية فمن العبث القول إنها على صواب. وكفانا تأييدا لنظريتنا أن نلقي نظرة عجلى على (النظرات التحليلية) - أو بالأحرى التخيلية - فنجد قضايا توهمية عدة لم يرد بها الحشو لتلطيف الرواية وإذكائها وسد فجوات عسيرة مما يجملا أمام جمهور النظارة والقراء، وإنما ابتغيت لتأييد ظنون تاريخية شيدت على الحدس والتخمين وعصفت بها الحاسة الوطنية المضلة، فأخفقت مسعى وبينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>