للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أن الوزير صاحب السعادة حسن باشا تولى ولاية بغداد لمدة ٣١ سنة في خلالها عاش العراق بأمن وطمأنينة. ثم تولى الإمارة الكبرى في الحرب الإيرانية فتوجه بالجيوش الإسلامية إلى ديار العجم ووصل قرمسين (كزمنشاه) وهناك وافاه الأجل فقضى نحبه، وان أهل الرأي من الأمراء هناك لم يستصوبوا دفن جسده المبارك في تلك الديار ورأوا نقل نعشه إلى دار السلام فسيروا نعشه مع احمد آغا كهية الباب فنقله.

وحينئذ خرج لاستقباله العلماء والأعيان وسائر الآهلين ببلد السلام، وليس من المستطاع وصف البكاء والعويل الذي حدث في ذلك اليوم.

ولما علم الطغاة وأهل البغي بموته ابتدءوا بقطع الطرق فانقطعت المبرة والسوابل وانتزعت الشفقة والرأفة من القلوب واختل النظام الذي قام به وتشوشت الحالة. والحاصل أن أشراط الساعة قد ظهرت بوادرها بموته وشوهدت علاماتها. . .

وان هذا الفقير الحقير - يعني نفسه - قد شاهد ليالي القدر الأولى في زمانه قد تبدلت بليال سود، ولذا استغرق في بحر لجي من الحيرة والاضطراب لما رآه من تغير الحالة، وإظهاراً لهذا الأسف والحزن عزم على تدوين مقامة تتضمن رثاءه موهماً ومورياً بسور القرآن العظيم في بيان شجاعته التي أبداها خلال حكمه مع كشف أوصافه الحميدة وخلاله الكريمة.

قال واثر المشروع في تسويد هذه المقامة تأملت الأمر وفكرت فيه ملياً فحصل لي انه يستحيل تصحيح هذه الأحوال وإعادتها إلى نصابها ما لم يتصد نجله المكرم فيقضي على هذا الخلل ويعيد النظام إلى نصابه، وحينما وصلت إلى سورة والمرسلات ألهمت النطق بسعادة نجله فرجوت من الله تعالى أن يدفع به ما ألم بنا من هذا الخطب الجلل والمعضل الصعب.

استجاب الله تعالى دعائنا - ولله الحمد - ولم تمض إلا مدة يسيرة حتى جاءت البشرى من جانب الحكومة العلية بتوليته الوزارة على ولايتنا وعلى إدارة كافة شؤون الأقاليم الآخر ففوضت إليه، وكان آنئذ والياً على البصرة فحسب.

وهذه المقامة نظراً لغرابة وضعها قد نالت رغبة من اكثر أرباب العرفان

<<  <  ج: ص:  >  >>