ما جاء في كتاب الفهرست لابن النديم (ص ٣٢٠ من طبعة الإفرنج).
سبب إبادة المسلمين لغير أصحاب الكتب المنزلة
قال أبو يوسف إيشع (اليشع) القطيعي النصراني في كتابه في (الكشف عن مذاهب الحرنانيين) المعروفين في عصرنا بالصابة (بالصابئة): إن المأمون اجتاز في آخر أيامه بديار مضر، يريد بلاد الروم للغزو. فتلقاه الناس يدعون له، وفيهم جماعة من الحرنانيين، وكان زيهم إذ ذاك لبس الأقبية، وشعورهم طويلة بوفرات كوفرة قرة. جد سنان بن ثابت. فأنكر المأمون زيهم، وقال لهم: من انتم من الذمة؟ - فقالوا: نحن الحرنانية. فقال: أنصارى أنتم؟ - قالوا: لا. قال: أفيهود أنتم؟ - قالوا: لا. قال: فمجوس انتم؟ - قالوا: لا. - قال لهم: أفلكم كتاب. أم نبي؟ - فمجمجوا في القول. - فقال لهم: فأنتم إذن الزنادقة عبدة الأوثان، وأصحاب الرأس في أيام الرشيد والدي: وانتم حلال دماؤكم لا ذمة لكم. فقالوا: نحن نؤدي الجزية. فقال لهم: إنما تؤخذ الجزية ممن خالف الإسلام من أهل الأديان الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه ولهم كتاب. وصالحه المسلمون عن (على) ذلك؛ فانتم ليس من هؤلاء ولا هؤلاء. فاختاروا الآن أحد أمرين. أما أن تنتحلوا دين الإسلام. أو ديناً من الأديان التي ذكرها الله في كتابه؛ وإلا قتلتكم عن آخركم فأني قد أنظرتكم إلى أن ارجع من سفرتي هذه. فان انتم دخلتم في الإسلام أو في دين من هذه الأديان التي ذكرها الله في كتابه، وإلا أمرت بقتلكم: واستئصال شأفتكم.
ورحل المأمون يريد بلد الروم فغيروا زيهم وحلقوا شعورهم وتركوا لبس الأقبية، وتنصر كثير منهم ولبسوا زنانير، واسلم منهم طائفة، وبقي منهم شرذمة بحالهم وجعلوا يحتالون ويضطربون حتى انتدب لهم شيخ من أهل حران فقيه. فقال لهم: قد وجدت لكم شيئاً تنجون به وتسلمون من القتل. فحملوا إليه مالاً عظيماً من بيت مالهم، أحدثوه منذ أيام الرشيد إلى هذه الغاية أعدوه للنوائب، وأنا اشرح لك أيدك الله السبب في ذلك.
فقال لهم: إذا رجع المأمون من سفره فقولوا له: نحن الصابئون. فهذا اسم دين قد ذكره الله جل اسمه في القرآن. فانتحلوه، فانتم تنجون به.