للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تتشعب منه بنات الطريق، وطرقها غاصة بالقمامات والكناسات، وأبناء بدرة لا يعرفون الحشوش ولا البلاليع ولا الآبار. وهذه القرى تمثل الوحشية والخراب فضربوا بها الأمثال، وفي بدرة نفسها خمسمائة بيت (خانة) من تلك البيوت التي أشبه بمقابر الموتى لا تعرف فيها الريح إن هبت وان سكنت كأنما يوم القيظ أتأتين، وفيها خان واحد للغرباء، وفيها مسجدان صغيران وحمام، وفيها إدارة للبرق والبريد. ومكتب أولي. وفيها نحو ست (قهوة خانات) وفيها نحو خمس وعشرين (رحى ماء) تطحن البر والشعير والذرة ونحوها طحناً دقيقاً وربما أكتب مقالة في وصف (أرحاء الماء) وانشرها في هذه المجلة، وفي بدرة ما يزيد

على سبعين حانوتاً تباع فيه الأقمشة والأطعمة على اختلاف أنواعها وفي جسان نحو مائتي وستين بيتاً وعشرين حانوتاً، وفيها خان وحمام ومسجدان والحمام يشترك فيه الرجال والنساء، فكل منهما له وقت معلوم كالحالة في بدرة، وجسان تحيط بها المزارع والجنان من جميع جهاتها. وأما زرباطية ففيها نحو مائة وستين بيتاً وثلاثة عشر حانوتاً، وفيها خان واحد (وشايخانة) اثنان، وتحيط بها البساتين أيضاً وكل القرى والضياع تسقى من ماء واحد ينبع من ينابيع بعضها في شغف حمرين وبقاعه، وبعضها في سفحه وحضيضه والتي تجري من سفحه أعذب. وإذا أردت أن تعيش عيش الوحوش في البيد المقفرة فاركن إلى مثل هذه القرى.

أبناؤها

هم قوم من العرب تغلب عليهم العجمية فانقلبوا يتكلمون بها، ويدلنا على ذلك أنهم يعرفون العربية ويتكلمون بها، وان رطانتهم مزيج من ثلاث لغات. الفارسية وهي الغالبة، وتليها في الغلبة التركية ثم العربية. وفارسيتهم فاسدة ومذهبهم المذهب الجعفري، قيل وكانوا قبل خمسين سنة أو أكثر من أهل السنة والجماعة، إلا أنهم جنحوا أخيراً إلى اعتناق المذهب الجعفري لكثرة تردد المجتهدين من الجعفرية إلى بلادهم، ومما يصحح هذا القول أن هناك أوقافاً جمة ترجع وارداتها إلى الأمام أبي حنيفة رضي الله عنه، ويدلنا على صحته أيضاً أنهم قليلو المنفرة عن أهل السنة، ولا يتعصبون في مذهبهم تعصب بعض الشيعة

<<  <  ج: ص:  >  >>