للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتألق وتتلألأ أياماً ثم تذبل، كأنها رمز إلى المدينة التي تحتها، وقد تباهت بمجدها زمناً فزالت.

وجاء في التوراة أن (كالح) أسسها (أشور) بن (سام) الذي خرج من سهل شنعار في أثناء حكم نسيبه نمرود (سفر الخلق ١٠: ١١) وأتجه نحو الشمال فطاف وجه الأرض. وربما كانت هذه البلدة عريقة الأصل، بيد أنه لم تحصل أنباء عنها قبل (شلمن أصر) الأول الذي بنى له فيها قصبة جديدة، وقد هجر أشور لصعوبة الدفاع عنها. على أن (تغلت فلاشر) الأول (١١٠٠ إلى ١٠٦٠ ق. م) أعاد أشور إلى سابق مجدها، ويكاد لا يعرف شيء عن (كالح) في القرنين التاليين اللذين مضيا على آشورية، وهي خاملة الذكر آنئذ.

ولما خرجت آشورية من عصرها المظلم، عصر نير الأرميين، عادت (كالح) إلى سابق عزها، ورد (أشور ناصر بل) (٨٨٥ إلى ٨٦٠ ق. م) الغزاة الأرميين وغزا بنفسه (فينقية) وسورية، وشيد له داراً ملكية فخمة وهيكلاً وأقامهما على اخربة أبنية (شلمن أصر) التي تعرف اليوم بالقصر الشمالي الغربي، وحصل من هنالك على مجموعة عجيبة، فيها محفورات وحيوانات وعروض وعاج وشبه (برونز) منقوش عليها نقشاً جميلاً.

ووردت رواية حملات (شلمن أصر) الثاني المحراب ابن (أشور ناصر بل) في مسلة الرخام الأسود التي ترى في هذا اليوم في المتحفة لبريطانية، ووقف على تلك المسلة في القصر الأوسط ل (شلمن أصر) المذكور في نمرود، ويتضح أنه أفنى الأرميين المتمردين إفناءً تاماً، فأصبح سيد بابل. بيد أن فتحه دمشق لم يكن أمراً يسيراً، ولا ظفراً سهلاً كما يصفه، بل ربما أستغرق ذلك وقتاً طويلاً، وحمل حملات عديدة. ومن ألطف الصور التي رسمت على هذه المسلة، صورة (يا هو) بن (عمري) ملك إسرائيل ممتثلاً بين يديه.

ويظهر أن شوكة أشور ضعفت مرة أخرى. حتى قام (تغلث فلاشر) الثالث (٧٤٥ إلى ٧٢٧ق. م) وأعاد المملكة إلى نفوذها الأول، ووسع أركان حكمه حتى امتدت إلى تخوم مصر نفسها، وقد بعث إليه (أحاز) ملك اليهودية بفضة وذهب من دار الرب بمثابة هدية له حتى ينجيه من عتو ملك سورية (٢ سفر

<<  <  ج: ص:  >  >>