إن الدولة الأيوبية لما محقت الدولة الفاطمية لم يكن لها بد من مخالفتها في شعارها وغيره فطرحت البياض شعار الفاطميين واتخذت (الصفرة) شعاراً لها مقلدة بذلك الدولة الاتابكية. فالرايات كانت عندهم عدة، منها راية عظيمة من حرير أصفر مطرزة بالذهب عليها ألقاب السلطان واسمه، وتسمى (العصابة) ومنها راية عظيمة في رأس خصلة من الشعر تسمى (الجاليش) ورايات صفر تسمى (السناجق). قال السلطان عماد الدين أبو الفداء صاحب حماة في تاريخه: وأول من حمل السنجق على رأسه من الملوك في ركوبه (سيف الدين) غازي بن (عماد الدين) زنكي) (راجع صبح الأعشى ج ٤ ص ٨).
تحقيق
قد ذكرنا في ما تقدم أن أعلام بني أمية كانت بيضاً نقلا من مجموعة المستشرقين واستدركنا ما مضى منا في مضادة ذلك، ثم رأينا الدكتور الفاضل داود جلبي ينبهنا على ذلك الغلط بأسلوب أوعر من أسلوبنا (٩: ٥٤٢، ٥٤٣) فخالفنا إلى أعظم ما نهانا عنه، فأن
كان قولنا خطأً مؤكداً ففي أقوال بعض الأقدمين ما يدغم الشك في تأكده، فهذا الحسن بن عبد الله العباسي يقول في ص ١٠٢ من كتابه:(آثار الأول في الترتيب الدول) الذي أبتدأ تأليفه سنة (٧٠٨) ما صورته: (وكانت للنبي - ص - راية من صوف أسود، وكانت له راية سوداء تسمى (العقاب. . .) وكان له عليه السلام ألوية بيض (وكانت أعلام بني أمية حمراً) وكل من دعا إلى الدولة العلوية فعلمه أبيض، ومن دعا إلى بني العباس فعلمه أسود) أهـ.
ونقل هذا الفصل جرجي زيدان في تاريخ التمدن الإسلامي.
أما تخطئته إيانا في ذكرنا البياض شعاراً للفاطميين، وان شعارهم الخضرة فهي خطأ مؤكد، وأما إغفالنا الخضرة في محفوظات الصبيان، فلا بد منه لأن سرد أخبارها صعب عليهم، وقيمة كل امرئ ما يحسن وفقه الله وإيانا للحق.
مصطفى جواد
(لغة العرب): (بعد أن أطلعنا على ما نمقه حضرة الكاتب المحقق في الأعلام حاولنا أن نزيد القراء فائدة فراجعنا عدة مؤلفات تبحث عن هذا الموضوع فلم