أذكر لكم على سبيل المثال أنه كان في سورية من رجال الحكم فيها من لا يرضى عن وجود فرد افرنسي واحد في بلاده ويقول أن إسكافيا افرنسيا واحدا يستطيع استعمار سورية ولكن ماذا حصل بعد ذلك؟ دخل دمشق ما يربو على ثلاثين ألف جندي وبقى نهر بردي يجري وجبال سورية هي بل أن الشخص الذي فاه بما ذكرت أعلاه بقي أيضاً في دمشق ولكن الذي زال مع الأسف هو الحكم الوطني وتأخرت سورية في مضمار تقدمها ما لا يقل عن عشرين سنة والذي اعتقده هو أن ذلك كان بنتيجة طلبنا تسيير الوضع أكثر مما كانت تسمح لنا به ظروفه. بينما الصبر الذي تمسكنا به في هذه البلاد لمقارعة الخطوب واغتنام الفرص ساعدنا على النيل ما نغبط عليه ألان في كثير من الأقطار. وأني أشكر شعبي المحبوب على مشاركته إياي المصائب والملمات ومشاطرتي خطتي التي سرت بها وإياه فأثبتنا عن مقدرة وجدارة بانتا أهل لان نحكم أنفسنا بأنفسنا وقد شهدت لنا بذلك الأمم. ومن العدل والإنصاف أن نذكر في هذا المقام ما كان للنصيحة البريطانية من النصب الوافر في عملنا هذا.
عند قدومي عاصمتي منذ بضعة أيام لاقيت من الحفاوة التي أشكر الشعب عليها بأجمعه ما ذكرني بقدومي الأول إليها والحفاوة الكبرى التي لاقيتها يومئذ. ومع أن ابتهاجي في هذه المرة لم يقل عنه في المرة الأولى غير أن اغتباطي يزيد في هذه المرة عنه في المرة الماضية بمقدار عظيم ذلك لأني في المرة الأولى دخلت على ترحيب من الشعب وراءه آمال يعقدها على قيادتي بخلاصة من الظروف كان يتخبط فيها واضعاً ثقته بي فكنت رغم
ابتهاجي بترحيب الشعب أحس بشيء من القلق باحتفاء الشعب وأنا محقق تلك الآمال التي كان قد عقدها على نصرتي ومعاضدتي والمدة بين الحادثين نحو من عشر سنين.
أذكر ولا بد أن الكثير منكم يذكر ما كانت عليه البلاد يوم دخلت البصرة لأول مرة وليس بخاف على أحد منكم ما كانت عليه الحلة وباقي وادي الفرات أما المنطقة الشمالية فحديثها معلوم وكان ذلك منذ عشر سنين. أما ألان فالبلاد نالت وحدتها واعترف بها رسميا من قبل دول عديدة وأصبحت ذات وضع سياسي دولي عام وقريباً إن شاء الله تبلغون بقرار عصبة الأمم عن الانتداب الذي سيلغى وفقا لرغباتكم إلغاء باتا نهائياً وليس المستقبل ببعيد.