للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هناك نقطة مهمة جداً في حياتنا القومية تتعلق بنفسية الشعب وروحيته يجب بحثها ومعالجتها بصورة حاسمة هي ثقة أمة بنفسها واعتمادها على ذاتها وتقديرها إرادتها. أخذت منذ مجيئي لهذا الوطن المحبوب أشعر بأن الشعب قد ألف البكاء والعويل تنخر فيه روح الاستسلام والتواكل يفر من مجابهة الحقائق ويتمسك بأشباح الماضي البعيد جدا ولا يقوى على مقاومة الوهم وقد لاحظت فوق ذلك أن زعماءه سوى النفر القليل رغم اقتدارهم على إدراك الحقائق لا يجرأون عن الخروج من الجو الذي يحيط المجموع ويتقدمون بالشعب إلى الحقيقة ويرشدونه إلى كيفية معالجتها على الزعيم الحقيقي ليس من يهوس لقومه وذويه بما لا يستطيعون الحصول عليه مهما كان شأنه عظيما في عالم النظريات بل أن الزعامة الحقيقة تنحصر في قيادة الأمة إلى إيجاد الطرق الإيجابية العملية التي تؤدي بها إلى النفع والمصلحة دون أن تكترث بالأوهام والخيالات البالية. إن معرفة الأمر الواقع واعتراف الزعيم به واجب عليه من الواجبات المقدسة.

الشعب وديعة الله في يد زعمائه يحسنون ائتمانها بقدر ما يكلفونه بحسب طاقته على الاستفادة من الظروف الراهنة والفرص متى عرضت. وأحب أن أضع الصحافيين في صف الزعماء واطلب إليهم أن يتقوا الله في الواجب المقدس الذي يتحتم عليهم القيام به ولا يتاجروا بمقدرات الأمة لترويج صحفهم وكذلك الأحزاب السياسية في البلاد والجمعيات على اختلاف أغراضها لا تخرج من نطاق مسؤولية ذلك الواجب المقدس.

إذا أخذنا حالة الراهنة وقسناها بماضي العراق القريب وبمطالب الشعب السابقة نر الفرق عظيماً والبون شاسعاً وشتان ما بين مشرق ومغرب. إن البلاد اليوم أعظم شأناً مما تظنون

<<  <  ج: ص:  >  >>