فهي حرة مستقلة طليقة واستقلالها تام كاستقلال الدول المعتزة بنفسها غير أنه ويا للأسف ينقصنا الحس بهذا الاستقلال والجرأة على ممارسته فنحن كمن فقد شيئاً ثم وجده ولا يجسر على ادعائه وهذا النقص البارز في روحنا جعلنا نحس بأن الأجنبي أيا كان ماثل أمامنا يهددنا حتى في تفكيرنا فلا نستطيع أن نفكر بذاتنا لذاتنا فيا لهول ذلك من كارثة. إن تلك الحالة النفسية حالة الاستضعاف ورثناها قديماً بنتيجة سيطرة الأجنبي علينا عصوراً طوالا وخضعنا لحكمه منذ ستة قرون هو علة انحطاطنا وتقهقرنا وأصبحنا لا نقدر على التفكير بحقوقنا مستقلين ولا نرى حقاً لنا في الحياة ولهذا السبب كنا في السنوات العشر الحالية كلما خطونا خطوة إلى الأمام لا نصدق أنفسنا بل ننكر على ذاتنا الجهود التي بذلناها في خطوتنا تلك وكم منا يستطيع أن يعزي التقدم الذي قطعته هذه البلاد إلى الأمة ويصرح لها بذلك. نحن في وطننا والبلاد بلادنا وحقنا في الحياة حق طبيعي يجب أن نمارسه حتى إذا كان هناك من لا يعترف لنا به. كذلك بأيدينا صكوك ومعاهدات إذا التبس علينا شيء من نصوصها فعلينا كأمة شعرت بحقها في الحياة كاملا أن نسعى لتفسير ذلك الالتباس بما هو في مصلحتنا. أما أن نترك الحق ونهمله ونلتجئ إلى البكاء والعويل فذلك شأن العاجز. وكثيراً ما وجد أن الجبان إذا هاله أمر اخذ ينظر إليه بأكثر من حقيقية أما الشجاع فإذا جابه أمراً نظر إليه بأقل من حقيقية يعنى أن الجبان يرى الخطر خطرين فأكثر والشجاع يراه أقل من خطر فالشخص الذي يحسن السباحة إذا تسربت روح الخوف إليه وهو في لجة اليم يئس وغرق واليأس مرض نفساني ضرره اشد من أشنع الأمراض الفتاكة فإذا تسرب إلى أمة فهو نذير بهلاكها ودمارها بينما الأمل منشأ العمل والنشاط فان المريض إذا دب به الأمل تمكن من مصارعة مرضه مهما كان قتالا.
أحب أن اكرر عليكم أن العراق حر طليق لا سيد عليه غير إرادته وحليفتنا بريطانيا ليس لها في هذه البلاد سوى شيء واحد هو الخط الجوي. نعم ليس لبريطانيا في بلادنا غير هذا الأمر وفيما سوى ذلك فإننا أحرار مستقلون واطلب إلى الصحفيين أن يكتبوا ذلك إلى الشعر بأحرف بارزة.
لقد حالفنا بريطانيا وكان ذلك في مصلحتنا ويجب أن نقدر حقيقة هذا التحالف وفوائده العظمى وهل من أمة في العالم تستطيع أن تعيش بعزلة عن الأمم الأخرى لوحدها دون
تبادل المصالح مع غيرها. إن من يفكر بإمكانية ذلك هو كمن يفكر بان في مقدور الفرد أن يعيش بعزلة عن المجموع. وإذا سلمنا نظرياً بالمستحيل فنقول ما هي الفائدة من مثل تلك الحياة.
أما من خصوص عقد المعاهدات مع الدول الأجنبية كافة فكما إننا تعهدنا لبريطانيا بان لا تعقد معاهدة مع غيرها من شانها أن تضر بها فأنها قد تعهدت لنا بالمقابلة بمثل ذلك وهذا العقد المستكمل الحقوق والواجبات بين الفريقين يلزم كل منهما التقيد بمصلحة الآخر ليس في ذلك أي غبن كان.