أم اوجه أنظاري نحو اللغة العربية المعدودة من افصح اللغات وأوسعها في المترادفات؟ مع أنها والحق يقال تفتقر إلى توسيع نطاقها العلمي وتهذيب ألفاظها فضلاً عن وعورة مسلكها في اختلاف حركات مفرداتها وصعوبة التلفظ بحروفها الحلقية وكثرة قواعدها وشواردها في الإدغام والإعلال ونحوهما ووفرة أوزان جموعها حتى أن اغلب الناطقين بالضاد لا يحيطون بها علماً. دع عنك تنازع نحويها الكوفيين والبصريين في أمور ومسائل تافهة جداً لا فائدة فيها ولا عائدة.
أم احيي رفات اللغة الآرامية أي لغة بابل القديمة الباقية آثارها مكتوبة نقشاً على بقايا الأطلال الدوارس في مدينتي بابل وآشور العريقتين في المدنية والحضارة في الأزمنة الغابرة فبعد أن انعم النظر واعمل الروية في هذه الخواطر التي مرت أمام مخيلته مر الأمور المتجسمة عزم على أن يستنبط لغة جديدة لا علاقة لها البتة بغيرها من اللغات القديمة أم الحديثة ومنذ ذلك الحين شرع باستنباط لغة صناعية بسيطة التركيب سهلة المأخذ خالصة من الوعورة والشواذ تمكن الطالب من أن يصرف زماناً يسيراً جداً في تحصيلها وإتقانها بل والأخذ بناصيتها.
ثم اخذ بعد ذلك وهو في الكلية بتأليف كتاب في أصول هذه اللغة أي غراماطيق منتهزاً لذلك الفرص وأوقات الراحة ولم يكن قد جاوز عمره إذ ذاك التاسعة عشرة ولا تسأل عن شدة فرحه عند إنجازه عمله لأنه كان باكورة أتعابه الكثيرة وبعد ذلك أردفه بمعجم موجز. هذا ولكي لا يعجز القارئ الكريم عن سردنا جميع ما افتكر وعمل به وكيف ألف كتبه وجمعها وانتقى الكلمات والألفاظ وبدلها على ما رأى موافقاً لمصلحته. نترك هذه الأمور لمن يريد استقصاء البحث بنفسه وننقل المطالع الأريب إلى سماع ما هو أفيد واحضر.
في سنة ١٨٧٨ ظهرت بعض أعمال الدكتور من حيز الفكر إلى عالم الوجود وسمي لغته الجديدة أي اللغة العامة. ولم يكن قد زايل الكلية إذ ذاك وليس له أشياع ولكن بعد أن