هناك يكون شعر الحيوانات الموجودة فيها، ارقش أو منقش بألوانٍ
مختلفة، كالنمر، والفهد، فكأن المحيط قد اثر عليها تأثيراً ظاهراً، وصبغها بألوانٍ مرقطة، تشبه جذوع الأشجار؛ والأوراق التي ترى تارة تخرتها الأنوار وطوراً تبقى في الظل.
أن ما قلناه عن لون الحيوانات التي تعيش في الأراضي الرملية، وعلى الثلوج، وفي الغابات، يصدق أيضاً على لون الحيوانات التي تعيش في المروج فأنها تمتاز بخضرة لونها، مثل الضفادع، وبعض الحيات، والحيوانات الصغيرة بالعموم، من نوع الزحافات، والضفدعيات، التي تزحف أو تعوم أو تختفي في الكلا والبطائح.
٢ - التلون الظاهر
هل تريد برهاناً حسياً يؤيد صحة مذهبنا، ويدعم صدق مقالنا، أي أن لون الحيوان تعينه طبيعة البقعة التي يسكنها ثم إذا طرأ على الأرض طارىء، وتغير لونها. تسوقه حالاً غريزته إلى تغيير لونه؟ - خذ قرة (ضفدعة صغيرة) وضعها على ورقة خضراء يخضر لونها؛ ارفعها من هناك ودعها على جذع شجرة مرقط قاتم اللون، فلا تبطئ أن تبدل لونها، ويضحى لباسها ارمد، مائلاً إلى القتمة؛ ثم اجعلها على مقربة من شيء معدني، فتتلون باللون الذهبي. ولكن أين هذا التغير من تلون الحرباء الذي يضرب المثل بتقلبه؛ فأنه ينتقل من حالة إلى حالة أخرى خاضعاً لبيئته؛ فيظهر تارة دويبة دميمة الخلقة؛ وطوراً حسناء، ومرة يتلون بأي لون شاء من ألوان قوس قزح الجميلة؛ وأحياناً يستقر على أرض جرداء فتراه حينئذٍ ادكن اللون؛ وهو يخضر إذا وقف على الأعشاب والأوراق، وقصارى الكلام أن المتفرج عليه يظن أن الألوان تنعكس فيه، وذلك لشدة الائتلاف الموجود بينه وبين محيطه، وهذا التبدل يجري مجريين في المسألة: أولاً، يقي الحرباء من حملات أعدائه عليه، ثانياً؛ يواريه عن أعين الدويبات الصغيرة التي يصطادها قوتاً له. فالحرباء يقعد لفريسته بالمرصاد ساعات طوالاً صابراً متشبثاً بالاغصان، حتى يتمكن من اصطيادها، فيمد إليها لسانه الطويل الدبق ويسترطها هنيئاً مريئاً.