للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في شهواتها على المصالح العامة، لم يبق في هذا الوطن أمّي ولا مريض ولا عاطل ولا فقير. ولكن الخذلان الذي لا غاية وراءه أن غنيّنا ينفق مئات الألوف على لذّاته وشياطينه، فإذا سُئل بذل القليل، في مشروع جليل، أعرض ونأى بجانبه.

...

هذا المعهد أمانة الله بيننا وبينك- أيتها الأمّة- وعهد العروبة والإسلام في عنقنا وعنقك، وواجب العلم علينا وعليك، وحق الأجيال الزاحفة إلى الحياة من أبنائنا جميعًا، فأيّنا قام بحظه من الأمانة، ووفى بقسطه من العهد، وأدّى ما عليه من الواجب، واستبرأ لذمّته من الحق؟

لا منّة لنا ولا لك على الله ودينه، وما عظم من حرمات العلم، وما أوجب من رعاية الأبناء، وإنما علينا أن نتعاون جميعًا، كل بما قسم الله له، وقد اقتسمنا الخطتين، فقمنا وقعدت، واجتهدنا وقصرت، قمنا بقسطنا من الواجب حق القيام، فدعوْنا ما وسعت الدعاية، وبينا ما وسع البيان، وعلمنا ما أمكن التعليم، ونظّمنا إلى حيث تبلغ غاية التنظيم، ووعدْنا فأنجزنا الوعد، وأخذنا الأمر بقوّة، لأن زمنك قويّ لا يرضى بصحبة الضعفاء.

نحن إنما نبني لك، ونفصّل على مقدارك، ونرشدك إلى ما يجب أن تكوني عليه لتستبدلي حالةً بحالة، ولبوسًا بلبوس.

عصرُك عصر نهوض، ومن لم يجارِ فيه الناهضين كان في الهالكين؛ وقد بدت عليك مخايل النهوض وقال الناس قد نهضت، فحق القول، ولم يبق للنكوص مجال، وما عن هوى نطقنا، ولا عن غشّ صدرنا، حين قلنا لك: إنك لا تنهضين إلا بالعلم، وإن نهضة لا يكون أساسها العلم هي بناء بلا أساس ولا دعامة.

إن النهضات الأصيلة لا تعرف القناعة، ولا تدين بها، ولا ترضى بالتقلّل والتبلّغ، وإنما هي القوّة والفوران، والتأجّج والجيشان، والبناء والرم، والأكل اللم، وصدْم ثابت بسيار، ودفع تيار بتيار.

إن قليلًا للنهضة- في باب العلم- معهد يضم ستمائة تلميذ، في أمّة تعدّ بعشرة ملايين، تسعة أعشارها ونصف عشرها أميّون.

وإن قليلًا للنهضة مائة وثلاثون (٣) مدرسة ابتدائية في قطر واسع الأرجاء مترامي الجنبات.


٣) كان هذا عدد المدارس الحرّة التي أنشأتها جمعية العلماء بمال الأمّة في السنة التي صدر هذا العدد في شهورها، وقد بلغ عدد تلك المدارس في سنة ١٩٥٥ قريبًا من أربعمائة مدرسة. وبلغ عدد تلامذة تلك المدارس قريبًا من خمسة وسبعين ألفًا بين ذكور وإناث.
وبلغ عدد المعلمين في السنة المذكورة الأخيرة قريبًا من سبعمائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>