للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خطاب بالميلية، فهذه أمهات المدارس التي شيدتها الأمة وأعلتها على مقدار من همتها وأنفقت فيها عشرات الملايين، وتداعت فيها إلى البذل على بصيرة وإيمان ويقين، ومن وراء هذا الطراز المشرف والنموذج الكامل من المدارس، نموذج هو دونه في الضخامة، تمثله مدارس مغنية والحنايا والغزوات والطهير، وعقارات اشتريت بقصد الإصلاح والتجديد، ومساحات من الأرض حيزت بقصد البناء ولئن تمت ليكونن بعضها أضخم وأعظم مما تم تشييده، كمدرسة خنشلة، ومدرسة الشريعة، ومدرسة البنات بجيجل، وغيرها.

ومما يسترعي الانتباه أن هذه المدارس شيدت كلها على طراز متقارب الهندسة والمظهر، وهو شيء مقصود أشرنا به ونفذناه، وأبعدنا النجعة في تطلب سره، وهو أن تفهم الأجيال الآتية أن هذا الجيل الذي بنى وشيد، كان جيلًا منسجم الذوق، موحد اللمحات الذهنية، متقارب النظرات الفنية، وانتقل من ذلك إلى أنه جيل ينظر إلى الحياة نظرة واحدة، ولا يصمنا باختلاف الذوق، واختلال الذهن، وانطماس النظرة، وما زال اتحاد الذوق في أمة دليلًا على وحدة تفكيرها، وسداد نظرتها، وما زلنا نرى الطراز الأندلسي موحد التقسيم والتخطيط، فنشهد لأصحابه بوحدة الذوق وانسجام اللمحة، والتواطؤ على فنون الحياة، ونستدل بذلك على أشياء أخرى من شؤونهم في غير المعمار، ونحن بهذا التقارب البادي في طراز مدارسنا والذي سيتم تمامه في المستقبل نكون قد سجلنا لجيلنا الحاضر منقبة، وفرضنا على الأجيال الآتية نوعًا من الإكبار لنا، والتقدير لأعمالنا فائدته لنا حسن الذكر وطيب الأحاديث من بعدنا، وتزيين صحائفنا السوداء بلمحة من جمال، وفائدته لأجيالنا الآتية متاع من الفخر الصادق بنا، وخطة من التأسي الصالح بأعمالنا وآثارنا، وحفز لهم إلى تكميلها والمحافظة عليها، ولو أننا تركنا لهم صورًا شوهاء مختلفة المظاهر والأشكال لأضللناهم، ولنبت عيونهم وأذواقهم عن آثارنا، فكان ذلك مدرجة لنسيانهم لنا، وعقوقهم إيانا، وإذًا لأضعنا عليهم سبب فخر، وفوتنا على أنفسنا مناط ذكر، فلتكن هذه النكتة عظة لبناة المدارس من أبناء هذا الجيل، فإليهم سقنا الحديث، وإياهم عنينا بالتذكرة.

...

بلغ عدد المدارس الابتدائية، مائة وخمسًا وعشرين مدرسة، (بإسقاط المعطل منها إداريًّا)، وتشتمل هذه المدارس على أكثر من ثلاثمائة فصل.

وبلغ عدد التلاميذ النهاريين:

الملازمين ................... ١٦٢٨٦

الذكور منهم ................ ١٠٥٩٠

والإناث .................... ٥٦٩٦

<<  <  ج: ص:  >  >>