للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال في موضع آخر: (فإن قيل: فقد قال -صلى الله عليه وسلم- أنه قال -في الحسن-: "إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" قلنا: هذا مجاز، وإنما أشار به إلى تشريفه وتقديمه، ألا ترى أنه يجوز نفيه عنه فيقول الرجل في ولد بنته ليس بابني، ولو كان حقيقة ما جاز نفيه عنه؛ لأن الحقائق لا تنفى عن منتسباتها، ألا ترى أنه ينتسب إلى أبيه دون أمه، ولذلك قيل في عبد الله بن عباس -رضي الله عنهم- إنه هاشمي وليس بهلالي وإن كانت أمه هلالية (١) (٢).

ورد القرطبي هذا الاستدلال بقوله: (هذا الاستدلال غير صحيح، بل هو ولد على الحقيقة في اللغة؛ لوجود معنى الولادة فيه، ولأن أهل العلم قد أجمعوا على تحريم بنت البنت من قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ}، وقال تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} إلى قوله: {كُلٌّ … مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥)} [الأنعام: ٨٤ - ٨٥] (٣).

فجعل عيسى من ذريته وهو ابن بنته على ما تقدم بيانه هناك (٤)، فإن قيل: فقد قال الشاعر:

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا … بنوهن أبناء الرجال الأباعد


(١) هي لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهرم الهلالية، أم الفضل، وهي زوج العباس بن عبد المطلب، أم الفضل، وعبد الله، ومعبد، وعبيد الله، وقثم، وعبد الرحمن، وغيرهم من بني العباس، أول امرأة آمنت بعد خديجة -رضي الله عنه-، ماتت في خلافة عثمان -رضي الله عنه- قبل زوجها العباس -رضي الله عنه-. انظر: أسد الغابة ج ٧/ ص ٢٧٤، والإصابة في تمييز الصحابة ج ٨/ ص ٢٧٦.
(٢) أحكام القرآن ج ٤/ ص ٧٦.
(٣) الآيات: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ … مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥)}.
(٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٧/ ص ٣١.

<<  <   >  >>