للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما تحدث عن التقليد أيضا في مقدمة كتابه: (السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار)، وكذلك في مواطن كثيرة من تفسيره (١)، وهو القائل: (وكم في الكتاب العزيز من التنبيه على هذا-يعني التقليد- والتحذير منه والتنفير عنه) (٢).

وفي حكم التقليد خلاف دائر بين الجواز والمنع، ولكل دليله (٣).

وقبل الحكم على ما ذهب إليه الشوكاني في حكم التقليد ينبغي التنبه إلى أمور:

الأول: أن الشوكاني يذم التقليد المخالف للكتاب والسنة.

فالمتتبع لكلام الشوكاني -في تفسيره- عن التقليد والمقلدين يظهر له أنه يذم التقليد المخالف للكتاب والسنة، وقد نص على هذا في مواضع كثيرة، منها:

١ - قال الشوكاني: - عند قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)} [الأنفال: ٢٤]- (على أنه يجب على كل مسلم إذا بلغه قول الله أو قول رسوله في حكم من الأحكام الشرعية أن يبادر إلى العمل به، كائنا ما كان، ويدع ما خالفه من الرأي، وأقوال الرجال. وفي هذه الآية الشريفة أعظم باعث على العمل بنصوص الأدلة، وترك التقيد بالمذاهب وعدم الاعتداد بما يخالف ما في الكتاب والسنة كائنا ما كان) (٤).


(١) والمواضع هي: البقرة: ٢٢ (ج ١/ ص ٥٠.)، البقرة: ١٢٠ (ج ١/ ص ١٣٥)، البقرة: ١٧٠ (ج ١/ ص ١٦٧)، آل عمران: ٦٤ (ج ١/ ص ٣٤٨)، المائدة: ١٠٤ (ج ٢/ ص ٨٢)، الأعراف: ٢٨ (ج ٢/ ص ١٩٨، ١٩٩)، الأنفال: ٢٤ (ج ٢/ ص ٢٩٩)، التوبة: ٣١ (ج ٢/ ص ٣٥٣)، يونس: ٣٩ (ج ٢/ ص ٤٤٦)، يونس: ٥٩ (ج ٢/ ص ٤٥٥)، يونس: ٧٨ (ج ٢/ ص ٤٦٥)، إبراهيم: ٢٢ (ج ٣/ ص ١٠٣)، النحل: ١١٦ (ج ٣/ ص ٢٠١)، الإسراء: ٣٦ (ج ٣/ ص ٢٢٧)، الأنبياء: ٧ (ج ٣/ ص ٣٩٩)، الأنبياء: ٥٣ (ج ٣/ ص ٤١٢)، المؤمنون: ٢٤ (ج ٣/ ص ٤٨١)، المؤمنون ٨١ (ج ٣/ ص ٤٩٤)، الشعراء: ٧٤ (ج ٤/ ص ١٠٤)، الأحزاب: ٦٧ (ج ٤/ ص ٣٠٦)، لقمان: ٢١ (ج ٤/ ص ٢٤١)، والزخرف: ٢٢ (ج ٤/ ص ٥٥٢، ٥٥٣).
(٢) انظر: فتح القدير ج ٤/ ص ٣٠٦.
(٣) انظر للتوسع في ذلك: الإحكام في أصول الأحكام ج ٤/ ص ٢١٢ وما بعدها، والبحر المحيط للزركشي ج ٦/ ص ٢٧٠ وما بعدها، والمسودة في أصول الفقه ص ٣٠٤ وما بعدها، وأعلام الموقعين ج ٤/ ص ٢١٠ وما بعدها، وإرشاد الفحول ص ٥٩٦ وما بعدها، والوجيز في أصول الفقه الإسلامي ص ٣٥٤ وما بعدها.
وينبغي التنبه لأمور في قول من قال بالجواز:
١ - من أجاز التقليد فإنه بلا شك لم يجز التقليد المخالف للكتاب والسنة، ولا التعصب في التقليد المفضي لترك الحق، وللنزاع بين الأمة.
٢ - قد يكون قصد من أجاز التقليد إنما عني به الاتباع أي قبول قول الغير بالدليل، فيكون الاختلاف في التسمية، فالشوكاني يسميه اتباعا وغيره يسميه تقليدا.
٣ - من أجاز التقليد أجازه لأن الاجتهاد لا يستطيعه كل أحد، والشوكاني يتفق معهم في هذا فإنه أوجب الاجتهاد على القادر، ومنعه من التقليد، وأجاز لغير القادر اتباع قول الغير بمعرفة الدليل.
(٤) فتح القدير ج ٢/ ص ٢٩٩.

<<  <   >  >>