للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وممن خالف هذا الاستنباط أبو حنيفة فأجاز للبوالغ من الأبكار والثيبات الزواج بغير ولي. وخالف أيضا الجصاص فقال: (فإن قيل: هذا يدل على أن عقد النكاح إنما يليه الأولياء دون النساء، وأن عقودهن على أنفسهن غير جائزة؛ قيل له: ليس كذلك؛ لأن الآية لم تخص الأولياء بهذا الأمر دون غيرهم، وعمومه يقتضي ترغيب سائر الناس في العقد على الأيامى، ألا ترى أن اسم الأيامى ينتظم الرجال والنساء، وهو في الرجال لم يرد به الأولياء دون غيرهم كذلك في النساء) (١).

والأظهر-والله أعلم- ما ذكره الشوكاني؛ ويدل عليه:

أولا: حديث: "لا نكاح إلا بولي" (٢).

ثانيا: أنه قول الجمهور. قال البغوي: (وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة (٣) ومن بعدهم) (٤).

ثالثا: أن الراجح في الخطاب بقوله: {وَأَنْكِحُوا} أنه للأولياء كما تقدم.


(١) أحكام القرآن ج ٥/ ص ١٧٨.
(٢) أخرجه ابن ماجه في كتاب: النكاح، باب: لا نكاح إلا بولي، رقم: ١٨٨٠، ج ١/ ص ٦٠٥. وأبو داود في كتاب: النكاح، باب: في الولي، رقم: ٢٠٨٥، ج ٢/ ص ٢٢٩. والترمذي في كتاب: النكاح، باب: ما جاء "لا نكاح إلا بولي"، رقم: ١١٠١، ج ٣/ ص ٤٠٧. وصححه ابن حبان، باب: الولي، رقم: ٤٠٧٥، ج ٩/ ص ٣٨٦، والحاكم في المستدرك، كتاب: النكاح، رقم: ٢٧١٠، ج ٢/ ص ١٨٤. وقال الترمذي: والعملُ في هذا الباب على حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي " عند أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، منهم: عمر ابن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله ابن عباس، وأبو هريرة -رضي الله عنهم-، وغيرهم، وهكذا رُوي عن بعض فقهاء التابعين أنهم يقولون: " لا نكاح إلا بولي"، منهم: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وشُريح، وإبراهيم النخعي، وعمر بن عبدالعزيز وغيرهم. وبهذا يقول سفيان الثوري، والأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. انظر: سنن الترمذي ج ٣/ ص ٤٠٧.
(٣) تقدم ذكرهم في كلام الترمذي.
(٤) معالم التنزيل ج ٣/ ص ٣٤١.

<<  <   >  >>