للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالك، وحكاه غيره قولًا في المذهب، فهو أحد القولين في مذهب مالك، وأبي حنيفة. وحكاه شيخ الإسلام عن بعض أصحاب أحمد، وهو اختياره، وأسوأُ أحواله أن يكون كبعض أصحاب الوجوه في مذهبه، كالقاضي وأبي الخطاب، وهو أجلّ من ذلك، فهو قول في مذهب أحمد بلا شك.

وأما التابعون، فقال ابن المنذر: كان سعيد بن جُبير، وطاوس، وأبو الشّعْثاء، وعطاء، وعَمْرو بن دينار، يقولون: من طلق البِكْر ثلاثًا فهي واحدة.

قال: واختُلِف في هذا الباب عن الحسن: فرُوي عنه أنها ثلاث، وذكر قتادة، وحُميد، ويونس عنه: أنه رجع عن قوله بعد ذلك، وقال: واحدة بائنة.

وقال محمد بن نصر في كتاب «اختلاف العلماء» (١): أجمع أهل العلم: أن الرجل إذا طلق امرأته تطليقةً، ولم يدخل بها، أنها بانَتْ منه، وليس عليها عِدّة، واختلفوا في غير المدخول بها، إذا طلقها الزوج ثلاثًا بلفظٍ واحد:

فقال الأوزاعي، ومالك، وأهل المدينة: لا تحلّ له حتى تنكح زوجًا غيره.

وروي عن ابن عباس، وغير واحد من التابعين أنهم قالوا: إذا طلقها ثلاثًا قبل أن يدخل بها فهي واحدة.

وأكثر أهل الحديث على القول الأول.

قال: وكان إسحاق (٢) يقول: طلاق الثلاث للبكر واحدة، وتأوّل حديث


(١) (ص ١٣٣).
(٢) في بعض النسخ هنا وفيما بعد: «أبي إسحاق». وهو خطأ، والمراد هنا ابن راهويه.