طاوس، عن ابن عباس ــ كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهم تُجعل واحدة ــ على هذا.
قلت: هذا تأويل إسحاق.
وأما أبو داود فجعله منسوخًا، فقال في كتاب «السنن»: «باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث»، ثم ساق حديث ابن عباس (١) رضي الله عنهما: أن الرجل كان إذا طلّق امرأته فهو أحق برجعتها، وإن طلقها ثلاثًا، ثم نُسخ ذلك بقوله تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}[البقرة: ٢٢٩]، ثم ذكر في أثناء الباب حديث أبي الصهباء.
وكأنه اعتقد أن حكمه كان ثابتًا لمّا كان الرجل يراجع امرأته كلما طلقها. وهذا وَهمٌ، لوجهين:
أحدهما: أن المنسوخ هو ثبوت الرجعة بعد الطلاق ولو بلغ ما بلغ، كما كان في أول الإسلام.
الثاني: أن النسخ لا يثبت بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكونُ الثلاث واحدةً قد عُمِل به في خلافة الصديق كلها، وأول خلافة عمر رضي الله عنه. فمن المستحيل أن يُنسخ بعد ذلك.
وأما ابن المنذر فقال: لم يكن ذلك عن علم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أمره.
(١) سنن أبي داود (٢١٩٧)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (٧/ ٣٣٧)، ورواه أيضًا النسائي (٣٥٥٤)، كلاهما من طريق علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس به، قال الشوكاني في السيل (١/ ٤٢٦): «في إسناده علي بن الحسين وفيه مقال خفيف»، وصححه الألباني في الإرواء (٢٠٨٠).