للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما رواية مَنْ رواه عن أبي الجوزاء: فإن كانت محفوظةً فهي مما يزيد الحديث قوة، وإن لم تكن محفوظة وهو الظاهر، فهي وَهْم في الكُنية (١)؛ انتقل فيها عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مُلَيكة: من أبي الصهباء إلى أبي الجَوْزاء؛ فإنه كان سيء الحفظ، والحفاظ قالوا: أبو الصهباء، وهذا لا يوهِن الحديث. وهذه الطريق عند الحاكم في «المستدرك» (٢).

وأما رواية من رواه مُقَيّدًا قبل الدخول: فقد تقدم أنها لا تناقض رواية الآخرين، على أنها عند أبي داود: عن أيوب، عن غير واحد، ورواية الإطلاق: عن مَعْمر، وابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه، فإن تعارضا فهذه الرواية أولى، وإن لم يتعارضا فالأمر واضح.

وحديث داود بن الحُصَين، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: صريحٌ في كون الثلاث واحدةً في حق المدخول بها.

وغاية ما يُقَدّر في حديث أبي الصهباء أن قوله: قبل الدخول زيادة من ثقة، فيكون الأخذ بها أولى. وحينئذٍ فيدلّ أحد حديثي ابن عباس على أن هذا الحكم ثابت في حق البِكْر، وحديثَه الآخر على أنه ثابت في حكم الثيِّب أيضًا، فأحد الحديثين يُقَوِّي الآخر، ويَشْهد بصحته، وبالله التوفيق.

وقد ردَّه آخرون بمسلك أضعف من هذا كله، فقالوا: هذا حديث لم يروه عن رسول الله إلا ابن عباس وحده، ولا عن ابن عباس إلا طاوس وحده. فقالوا: فأين أكابر الصحابة وحُفّاظهم عن رواية مثل هذا الأمر العظيم، الذي الحاجةُ إليه شديدة جدًّا؟ فكيف خفي هذا على جميع


(١) م، ظ: «من الكتبة».
(٢) تقدم تخريجها.