للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فإن المرّتين والمرات في لغة القرآن والسنة، بل ولغة العرب، بل ولغات سائر الأمم، لِمَا كان مرّة بعد مرة، فإذا جمع المرتين والمرات في مرة واحدة فقد تعدّى حدود الله تعالى، وما دلّ عليه كتابه، فكيف إذا أراد باللفظ الذي رتّب عليه الشارع حكمًا ضدّ ما قصده الشارع؟

الوجه الخامس: أن الله سبحانه أخبر عن أهل الجنة الذين بلاهم مما بلاهم به في سورة {ن}؛ وهم قوم كان للمساكين حق في أموالهم إذا جَدُّوا نهارًا؛ بأن يلتقط المساكين ما يتساقط من التمر، فأرادوا أن يجدّوا ليلًا ليسقط ذلك الحق، ولئلا يأتيهم مسكين، وأنه عاقبهم بأنه أرسل على جنّتهم طائفًا وهم نائمون، فأصبحت كالصّريم، وذلك لمّا تحيّلوا على إسقاط نصيب المساكين، بأن يصرموها مصبحين قبل مجيء المساكين، فكان في ذلك عبرةٌ لكل محتال على إسقاط حقٍّ من حقوق الله تعالى أو حقوق عباده.

الوجه السادس: أن الله تعالى أخبر عن أهل السبت من اليهود بمسخهم قردةً، لمّا احتالوا على إباحة ما حرّمه الله سبحانه عليهم من الصيد، بأن نصبوا الشباك يوم الجُمعة، فلمّا وقع فيها الصيد أخذوه يوم الأحد.

قال بعض الأئمة: ففي هذا زجرٌ عظيم لمن تعاطى الحيل على المناهي الشرعية، ممن يتلبَّس بعلم الفقه، وهو غير فقيه؛ إذ الفقيه من يخشى الله تعالى بحفظ حدوده، وتعظيم حرماته، والوقوف عندها، ليس المتحيل على إباحة محارمه، وإسقاط فرائضه.

ومعلوم أنهم لم يستحلّوا ذلك تكذيبًا لموسى عليه السلام وكفرًا بالتوراة وإنما هو استحلال تأويل واحتيال، ظاهره ظاهر الاتقاء، وباطنه