للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصين ومن اعجب ما شاهدته في هذه البلاد هو أن الصينيات يحبسن أرجلهن في قوالب من حديد لكي تبقى صغيرة وعند الصينيين أن من الجمال الرائع أن تكون الأرجل صغيرة ومن الصعب أن

يفرق الإنسان الرجل من المرأة هناك لأن الرجل يرسل شعره المضفور على كتفيه كالمرأة وهم يستعملون الترياق (الأفيون) ثم رجعت من هناك إلى بلوجستان فأفغانستان فالقوقاس، وزرت مدينة قونية وفيها قبر الصوفي الكبير مولانا جلال الدين الرومي الشاعر وحضرت (ذكر المولوية) وهم يدورون على أنفسهم على نغمات الناي والقيثارة ثم ذهبت إلى اسلامبول وهي اجمل مدينة شاهدتها في أسفاري ثم اشتقت إلى أن أحج بيت الله الحرام وإن ازور قبر الرسول الأعظم فشددت الرحال إلى مكة فمررت بحلب والشام والقدس الشريف. وبعد أداء فرض الحج وزيارة الرسول قفلت راجعا إلى إيران. وفي أيام الحرب جئت إلى الشام فبيروت وقد أصبت بأذى فيها كما حدثتك قبل هذا وعدت إلى إيران ومنها جئت إلى (كربلاء).

ثم تنهد الدرويش (بي بروا) طويلا وقال بلهجة المتألم الحزين: هذه حياتي وهكذا قدر علي أن أعيش متسولا فقيرا مشردا في أرض الله الطويلة العريضة وأنا اليوم اعدد ساعاتي وانتظر الموت ولست أدري بأي صورة يداهمني الحمام أاقبر في مقابر المسلمين أم أموت عطشا وجوعا في الصحارى أم أكون طعمة للنيران أم فريسة للوحوش. ثم اندفع يتغنى:

أي آنكه زهيجم بوجود آوردي ... وز سوي عمايم بشهود آوردي

نه نفع زطاعتم نه خسران كناه ... در سوق جهانم بحه سور آوردي

أي - يا إلهي الذي جاء بي من العدم إلى الوجود ومن العالم المعمى الغامض إلى عالم المشاهدة أنت يا الهي غير منتفع من إطاعتي لك وغير خاسر من ذنبي فلأي جئت بي إلى سوق هذه الحياة؟

قلت للدرويش (بي بروا) كيف كنت تحصل قوتك في أسفارك الطويلة قال تارة انشد الشعر في الأزقة والأسواق واستجدي من الناس والناس لا يبخلون علي بشيء من الصدقات. وطورا أصير (فتاح فال) واخرج لي من جرابه كتابا

<<  <  ج: ص:  >  >>