للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متماثلتين لا تتميز إحداها عن أختها قيد حبةٍ وما غرضها من ذلك إلا محافظة حشرة صغيرة.

فيا هل ترى والحالة هذه يجوز لنا أن نلفظ كلمة عرض أو اتفاق عند مشاهدة هذه الغرائب؟ إلا تظهر العناية الإلهية فوق كل هذه العجائب تلك العناية التي ترعى مصلحة أحقر الكائنات وحفظ أصغر الموجودات؟ أليس هذه هي العناية الإلهية التي قال عنها السيد المسيح في إنجيله الكريم: انظروا إلى طيور السماء فإنها لا تزرع ولا تحصد ولا تخزن في الاهراء وأبوكم السماوي يقوتها. . . واعتبروا زنابق الحقل كيف تنمو أنها لا تتعب ولا تغزل وأنا أقول لكم أن سليمان في كل مجده لم يلبس كواحدةٍ منها (متى ٢٦: ٦ - ٢٩)

يوسف رزق الله غنيمة

(لغة العرب)

إننا أدرجنا هذه المقالة لا لأننا نسلم بهذه المزاعم الواهنة الواهية، بل لنبين أن مذهب التحول معروف في هذه الديار كما هو معروف في غيرها؛ وقد انتشر بما أبرزته مطابع ديار الشام ومصر من الجرائد والمجلات والرسائل والكتب وغيرها من المطبوعات. على أن هذا المذهب يتداعى اليوم في ديار الإفرنج لقلة صبره على نار التحقيق، إذ لم يرج عندهم ألا بقدر ما يروج الدرهم الزيف عند من لا يعرف كنهه وحقيقته، أو لم يحكه بالمحك ولم يعرضه على نار الامتحان.

أن هذا الرأي أي أن الحيوانات والنباتات تقلد الطبيعة بظواهرها فتتذرع في كل موطن بما يكفيها شر أو أذية أعدائها هو من ألاعيب الخيال والوهم، لا من حقائق العلم المقررة. -

نعم أن أصحاب مذهب التحول يقومون لهذه النظرية ويقعدون لها ويسمونها في اصطلاحهم (محاكاة الطبيعة لكن العلماء الإثبات أصحاب النقد الصادق والخبرة التامة أثبتوا كذب هذا التوهم والتصور. لأننا أن سلمنا مثلا أن أرانب الديار الباردة المغطاة بالثلوج تكتسي بجلود بيضاء الشعر لمشابهتها لون الثلج لكي لا يميزها الصائد من الثلج بخلاف لو كان لونها ارمد مثلاً، فهل يظن أول من تصور هذا الفكر أن الصياد وحده يقتل الارانب؛ أو ليس هناك عوامل أخرى تفني بعض الحيوانات والنباتات؛ وألا كيف انقرضت بعض هذه الكائنات ولم يكن هناك ما نتصور لها اليوم من الأعداء. دع عنك وجود مخلوقات في الأقطار التي يتزيا فيها بعض كائناتها بزي

<<  <  ج: ص:  >  >>