يقول عليه الصلاة والسلام في حديث ضعيف: [(صنفان من أمتي كلاهما في النار: قوم يقولون: إنما الإيمان كلام وإن زنا وإن سرق)]، أي: هذا المؤمن عندهم؛ لأن العمل عندهم ليس من الإيمان، ولا يدخل في مسمى الإيمان، فاحتجوا بأن الإيمان هو التصديق، فإذا قال الإنسان: آمنت بالله أو شهد الشهادتين وأتى جميع المعاصي فإنه مؤمن؛ لأن الإيمان عندهم هو التصديق بالقلب فقط، ولم يقولوا حتى: الإيمان هو الإذعان.
والانقياد والخضوع بالقلب والجوارح، وإنما قالوا: الإيمان هو التصديق فقط.
وليس الأمر كذلك، فالإيمان ليس هو الإقرار فقط، ولا الشهادتان فقط، وإنما الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل، وهو يزيد وينقص، وزيادته ونقصانه متعلق بالعمل، وسواء كان ذلك عمل القلب أو عمل الجوارح.
فقال في الحديث:(قوم يقولون: إن الإيمان كلام)، أي: نطق أو إقرار أو شهادة فقط.
قال: [(وإن زنا وإن سرق، وآخرون يقولون: إن أولينا كانوا ضلالاً يقولون: خمس صلوات في اليوم والليلة، وإنما هما صلاتان)]، يعني: حكموا على الأوائل بأنهم أهل ضلالة؛ لأنهم أجمعوا على أن الصلوات خمس في اليوم والليلة، وهؤلاء أي: ضلال القدرية يزعمون أن الصلاة إنما هي صلاتان فحسب، صلاة في أول النهار، وصلاة في أول الليل، وكل صلاة منهما ركعتان، ولا ندري من أين أتوا بهذا الكلام، فإنه من أعجب الكلام.
وهذا الكلام من جهة الرفع غير ثابت، وإن ثبت أن بعض الفرق الضالة قالت به فعلاً، وقد ذكرت لكم منذ عدة أشهر أن إيهاب بن حسن الأثري أبو عبد الرحمن صنف كتاباً يذم فيه أهل العلم مثل الشيخ الألباني مثلاً والشيخ ابن باز وغيرهما من أهل العلم، وهو الآن ينكر الصلوات الخمس ويقول: ما هما إلا صلاتان في أول النهار وفي آخره، يعني: أن هذا ما زال موجوداً إلى يومنا هذا.
فلا يزال ميراث الفرق الضالة التي ظهرت ونشأت منذ عدة قرون تتوارثه الأجيال إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة؛ لأن الناس في نقصان دائماً، وأعظم النقصان أن يكون في الدين وفي الإيمان.