للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من فرق الضلال الشيعة]

أول فرقة من فرق الضلال عند ابن الجوزي -عليه رحمة الله- هم الشيعة.

وقال في تعريفهم: وهم الذين شايعوا علياً -أي: بايعوه وناصروه، وشرفوه كتشريف النصارى لعيسى عليه السلام- وقالوا: إنه الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بنص جلي أو خفي، وأن النص ثابت في تعيين علي بعد النبي عليه الصلاة والسلام، إما ثبوتاً جلياً أو ثبوتاً خفياً.

يعني: بالإشارة والإيماء، ويقولون: إن النبي عليه الصلاة والسلام نص على إمامة علي من بعده، ومن خالف هذا النص وصده عن الإمامة من بعد النبي عليه الصلاة والسلام فقد ظلم وسلب علي بن أبي طالب حقه المنصوص عليه إما جلياً أو خفياً.

واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عنه وعن أولاده، وإن خرجت فإما بظلم يكون من غيره أو تقية منه، أي: إما بظلم ظاهر ممن سلب منه الإمامة، أو أن علي بن أبي طالب أذن له بالإمامة من باب التقية لا من باب إيمان علي أن هذا حق أبي بكر، أو أن هذا حق عمر، أو حق عثمان؛ لأن أهل السنة يسألون الشيعة: ما معنى أن علي بن أبي طالب بايع أبا بكر وعمر وعثمان؟ فقالوا: إن علياً يعتقد أن له الحق في الإمامة، ولكنه بايع من باب إثبات التقية، يعني: بايعهم تقية وخوفاً منهم؛ لأن الدولة دولتهم والسلطان سلطانهم، وبهذا يكون قد فرط في ابنته عند أن زوجها عمر بن الخطاب، وقولهم: تقية معناه: أنه ليس مقتنعاً بـ عمر، بل إنه كان ينظر إلى عمر على أنه إنسان ظالم ومفتر وسالب لحقه، ومعاند لله ورسوله، وأن النص كان جلياً في نظر عمر، ومع هذا استحل عمر مخالفة النص بإثبات الإمارة له، ومع هذا زوجه علي بن أبي طالب بابنته من باب التقية، هكذا يقول الشيعة عليهم من الله ما يستحقون.

قال: ومن أولادهم اثنان وعشرون فرقة، يعني: من أولاد علي اثنان وعشرون شخصاً افترقوا على اثنين وعشرين فرقة، يكفر بعضهم بعضاً ويلعن بعضهم بعضاً، ولكن أصول الشيعة ثلاث فرق: غلاة وزيدية وإمامية، ولا يوجد في الشيعة فرق إلا وتدخل تحت هذه الأصول، وهم عندهم أكثر من اثنين وعشرين فرقة، ولكنها إما أن تكون من الغلاة أو زيدية أو إمامية، ولا يوجد غير ذلك؛ لأن هذه أصول التفرق والاتباع عند الشيعة.

فأما الغلاة فثمانية عشر فرقة، أولهم السبئية؛ وسموا بذلك لأن منشئ هذه الفرقة هو عبد الله بن سبأ اليهودي الذي أظهر الإسلام نفاقاً وعاداه باطناً، وهو الذي زعم أن علياً إله من دون الله عز وجل، وهو الذي قال لـ علي: أنت الإله حقاً.

فنفاه علي إلى المدائن -والمدائن هذه في بلاد فارس- وهو أول من أظهر القول بوجوب إمامة علي، وقال: إنه لم يمت، وإنما قتل ابن ملجم شيطاناً تصور في صورة علي -وهذا نفس كلام النصارى- وأنه في السحاب.

أي: أن علياً في السحاب الآن.

قال: والرعد صوته والبرق سوطه، وبعد هذا ينزل إلى الأرض ويملأها عدلاً بعد أن ملئت جوراً.

ومن هذه الفرقة تشعبت أصناف الغلاة، وهم يقولون عند سماع الرعد: عليك السلام يا أمير المؤمنين! والذي يسافر إلى العراق يسمع هذا، فما أن ترعد السماء ويكون الجو بارداً والمطر ينزل يقولون: عليك السلام يا أمير المؤمنين! ويقولون: هذا صوت علي بن أبي طالب، يعني: هذا الرعد الذي تسمعه هو صوت علي بن أبي طالب في السماء.

وهذه المخالفات التي ذكرناها عند السبئية مخالفات في الأصول، ولو لم يكن فيها إلا اعتقادهم أن علياً إله من دون الله لكفاهم ذلك، فاستحقوا بذلك أن يكونوا فرقة.