[مناظرة بين عبد الجبار المعتزلي وأبي إسحاق الإسفراييني في القدر]
ودخل القاضي عبد الجبار الهمداني أحد شيوخ المعتزلة على الصاحب بن عباد، وعنده أبو إسحاق الإسفراييني المعروف بالأستاذ، وهو من أئمة السنة، فلما رأى عبد الجبار الأستاذ الإسفراييني قال: سبحان من تنزه عن الفحشاء.
أي: عن الإذن للفواحش بالوقوع، فهو يريد أن يقول له: إن الفحشاء لا تقع بإذن الله.
فقال له: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء.
فقال القاضي: أيشاء ربنا أن يُعصى؟ فقال الأستاذ: أيعصى ربنا قهراً؟ يعني: هل تقع المعصية في ملكه غصباً عنه؟ فقال القاضي: أرأيت إن منعني الهدى، وقضى علي بالردى، أحسن إلي أم أساء؟ فقال الإسفراييني: إن منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو له فهو يختص برحمته من يشاء.
فبُهت القاضي عبد الجبار، لكنه مع ذلك ظل أيضاً قائماً على اعتزاليته، ولم يستطع الرد.