[أحاديث واردة في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وأمته]
قال: [عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فضلت على الأنبياء بست)]، يعني: خص من دون الأنبياء بستة أشياء، مع أنه خص بأشياء كثيرة جداً، قال: [(أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون).
قال: (ومثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى قصراً فأجمله -يعني: زينه وأحسنه- إلا موضع لبنة، فطاف الناس بالقصر فعجبوا لبنيانه وقالوا: ما أحسن هذا القصر لو تمت هذه اللبنة، قال: فأنا تلك اللبنة)]، يعني: هو المتمم لرسالة الأنبياء من قبله والخاتم لها، بل هو الناسخ لما تقدمه من رسالات ونبوات.
[وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فضلت بخصال ست لا أقولهن فخراً)]؛ لأننا مطالبون أن نؤمن بجميع الأنبياء وألا نفضل بين الأنبياء؛ ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا أنا خير من يونس بن متى)، ويونس بن متى نبي من الأنبياء، والمعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام هو خير الخلق قاطبة، وهذا أمر قد أجمعت عليه الأمة وقد وردت به الأدلة، والنبي عليه الصلاة والسلام نفسه قال: (أنا خير ولد آدم ولا فخر)، والمعلوم أن يونس بن متى من ولد آدم، والله تعالى يقول في أمره لنا بالإيمان بالرسل: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة:٢٨٥]، أي: لا نفرق بين أحد من رسله في مبدأ الإيمان، فنحن كما نؤمن بمحمد نؤمن بعيسى وموسى وجميع الأنبياء المذكورين في القرآن والسنة وغير المذكورين إجمالاً، نؤمن بأن الله تعالى أرسل قبل نبينا أنبياء ورسلاً وأنزل معهم الكتب، وكانوا هداة مهديين بهداية ربهم تبارك وتعالى، نؤمن بهم جميعاً إجمالاً، ونؤمن بنبينا إجمالاً وتفصيلاً، فإيماننا بالنبي عليه الصلاة والسلام كنفس إيماننا بموسى وعيسى من جهة أنه نبي أرسله الله عز وجل، وأنزل معه الكتب، وأمره أن ينزل في بني إسرائيل أو في قوم كذا وكذا.
فالأمر الذي ورد في النصوص في عدم التفريق بين الأنبياء هو أمر بعدم التفرقة في مبدأ الإيمان بالأنبياء، أما النصوص الواردة بأن النبي عليه الصلاة والسلام هو خير الخلق وهو خير الأنبياء وفضل على الأنبياء فهذا أمر معلوم، وإنما هي خصائص خصه الله تبارك وتعالى بها.
قال: [عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام: (فضلت بخصال ست لا أقولهن فخراً)]؛ لأنه من أشد الناس تواضعاً عليه الصلاة والسلام.
قال: [(لم يعطهن أحد كان قبلي، قال: غفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر)]، وأنتم تعلمون حديث الشفاعة الطويل الذي فيه: أن الناس هرعوا في الموقف إلى آدم فذكر خطيئته، ثم إلى إبراهيم فذكر خطيئته، ثم إلى موسى فذكر خطيئته، ثم إلى عيسى حتى أتوا إلى محمد عليه الصلاة والسلام، فقال: (أنا لها أنا لها، فذهب فخر تحت العرش ساجداً حتى دعاه ربه بقوله: اشفع تشفع وسل تعطه) صلى الله على نبينا محمد.
قال: [(وجعلت لي الأرض مساجد وطهوراً، وأعطيت الكوثر، ونصرت بالرعب، والذي نفسي بيده إن صاحبكم -أي: أنا- لصاحب لواء الحمد يوم القيامة غير فخر، تحته آدم ومن دونه)]، يعني: لواء الحمد يحمله النبي عليه الصلاة والسلام، وتحت لواء الحمد جميع الأنبياء والمرسلين بما فيهم آدم، والمعلوم أن آدم هو أول نبي، وأما أول رسول فهو نوح عليه السلام.
[وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فضلنا على الناس بثلاث -أي: نحن المؤمنين المسلمين- جعلت لنا الأرض كلها مسجداً وجعلت ترابها لنا طهوراً، وجعل صفوفنا كصفوف الملائكة، وأوتينا الآيات الأخر من سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعط أحد قبلي، ولا يعطى أحد منه بعدي)] أي: من أول قوله: {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة:٢٨٥] إلى آخر سورة البقرة.
فهذه الآيات من سورة البقرة نزل بها جبريل مرة، وأعطيها النبي عليه الصلاة والسلام من كنز تحت العرش في رحلة معراجه إلى السماء.
[وكان علي بن أبي طالب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء، قلنا: ما هو يا رسول الله؟ قال: نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعلت لي الأرض طهوراً، وجعلت أمتي خير الأمم)].
فالأمة لها خصائص تخصها دون بقية الأمم، ونبي الأمة صلى الله عليه وسلم له خصائص تخصه دون بقية الأنبياء.
[وعن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت خمساً لم يؤتهن نبي قبلي: أرسلت إلى الأبيض والأسود والأحمر، -وهذا يد