إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
وبعد: فما زال الكلام موصولاً حول مسألة مهمة من مسائل القدر وهي: (الشقاوة والسعادة) و (الكفر والإيمان)، و (الهداية والإضلال) بيد الله عز وجل.
وهذا لا يعني أن الله عز وجل يقسم هدايته ورضوانه على عباده بغير عدل ولا حكمة، والذي يعنيه هذا في الدرجة الأولى: أن الله تعالى أضل من سبق في علمه أنه يضل، وهدى من سبق في علمه أنه يقبل الهدى، لا أن الله تعالى فرض عليه الضلال، وإنما علم الله عز وجل سلفاً وأزلاً أن هذا العبد رغم إتاحة جميع سبل الهداية له إلا أنه يختار طريق الضلال والشقاء فكتبه عليه، وليس في ذلك من ظلم، وهذا معنى قول سلفنا: إن الله تعالى يملك الإضلال والهداية، الخير والشر، السعادة والشقاء.
إذاً: عندنا الآن مسألتان: الأولى: أن الهداية والإضلال بيد الله عز وجل.
المسألة الثانية: أنه سبق في علم الله الأزلي أن هذا العبد رغم إتاحة جميع سبل الهداية له إلا أنه يختار السعادة أو الشقاء، فلما علم الله ذلك من عبده أزلاً كتبه عليه، والأدلة على ذلك سبق بعضها في الدرس الماضي، وبقية الأدلة في هذا الدرس.