[كراهة العلماء لمجالسة ومبايعة أهل القدر]
قال: [عن إدريس القصير عن أبيه قال: شهدت عبيد الله بن الحسن العنبري واختصم إليه رجلان -كان قاضياً عظيماً مشهوراً، واختصم إليه رجلان في قضية من القضايا- فقال أحدهما: اشتريت منه عبداً على أنه ليس به داء ولا علة ولا غليلة، بيع المسلم للمسلم وأنه قدري].
يعني: ممنوع أن يكون هناك غليلة وإخفاء للعيب بين المسلم والمسلم، ولكني لما اشتريته وجدت هذا الغلام قدري، وهذا أمر لابد أن يبينه البائع، فلما اشتراه كان لزاماً على البائع أن يبين عيبه أنه قدري، ولما أخفى هذا العيب بطل البيع، ولذلك حكم عبيد الله العنبري ببطلان البيع للعيب.
قال: [فقال عبيد الله بن الحسن له: إنما اشتريت مسلماً ولم تشتر كافراً فرد عليه].
قال: [أرسل رجل من أهل خراسان بكتاب يسأل أبا ثور -وهو إمام عظيم من أئمة الفقه- فأجاب: سألتم رحمكم الله عمن قال: إن المعاصي لم تقدر هل هو فاسق يصلى خلفه].
رجل يقول: المعاصي ليست من عند الله، ولم يقدرها الله عز وجل على العباد إنما هي من فعل البشر، ووقعت بمشيئة الفاعل ولا علاقة لمشيئة الله بها، فهل هو فاسق؟ وهل يصلى خلفه أم لا؟ فقال: [فهذا فاسق بتفسيق أهل العلم، لا يصلى خلفه، وهو داخل في حكم أهل القدر، ومن قال: الأشياء كلها بقدر إلا المعاصي فلا يصلى خلفه].
وهذا يبين أن الأشياء من عند الله عز وجل خيرها وشرها، ويكفينا حديث النبي عليه الصلاة والسلام (وأن تؤمن بالقدر خيره وشره).
فأثبت أن الشر بقدر.
إذاً: الخير من الله والشر من الله، الخير أراده الله عز وجل وأمر به إرادة شرعية دينية، والشر نهى الله عز وجل عنه، ولكنه أراده في كونه إرادة كونية قدرية لا شرعية دينية.
[قال سفيان بن عيينة: لا تصلوا خلف الرافضي، ولا خلف الجهمي، ولا خلف القدري، ولا خلف المرجئ].
تصور عندما يذهب من يزعم أنه أمير جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يذهب إلى إيران بدعوى من الخميني، وهذا الرجل قد تربينا على يديه من سنة (١٩٧٩م) إلى سنة (١٩٨١م)، ثلاث سنوات ونحن نسمعه في مسجد سوق الآخرة بحلوان، وكان لا يتوقف عند المحطات الصغيرة، والذي كان يفسقه أهل العلم كان يكفره هو، فما بالك بالذي يكفره من أهل العلم؟! فكان قد حكم في ذلك الزمان بأن خميني إيران كافر، وأن هذه الثورة ثورة كاذبة لا تمت للإسلام بصلة، بل كان يحكم على طلاب إيران الموجودين في كلية دار العلوم في ذلك الوقت بالكفر، وكان يطردهم من مسجده، ويقول: إنما أتوا إلينا تقية؛ لأن خميني إيران سئل بعد ثورته بعام من قبل طلاب كلية دار العلوم بالقاهرة: ماذا نفعل في مسائل تعترضنا في حياتنا بمصر لا نجد لها جواباً ولا نعلم لها حلاً في ديننا؟ أي: في دين الشيعة.
قال: سلوا علماء الناصبة -أي: علماء السنة- ثم خالفوهم، فإذا قالوا حلالاً، فاعلموا أنه حرام، وإذا قالوا حراماً فإنما هو حلال.
هذه فتوى الخميني عليه لعنة الله.
هذا الرجل لما فتن في دينه، وأراد أن يظهر، وقد حذرنا منه الصادقون المخلصون ولكننا على عادتنا ونحن في بداية طريقنا لم نقبل هدى الذي يريد أن يهدينا، ولا نصح الذي يريد أن ينصحنا، لأننا ألفنا أن نسمع من رجل واحد، وهذا خطأ، ولذلك أنت لا تعلم خطأ شيخك حتى تسمع من غيره، إذ كيف يتسنى لك أن تعرف الحق من الباطل وأنت تزعم أن كل إنسان ليس معصوماً إلا الأنبياء؟ فشيخك ليس معصوماً، فينبغي أن تسمع من غيره حتى يتبين لك الخطأ، فإذا كان الأمر كذلك فنحن خالفنا في أول الطريق حتى رأينا بأعين رءوسنا وقلوبنا أن هذا الرجل قد فتن، وأنه ذهب يبحث عن المناصب والمظاهر شرقاً وغرباً أماته الله عز وجل، وهو حي الآن يحمل وزره، ولكنه في قلوب الشباب ميت لا قيمة له، ولا دعوى له تسمع.
ذهب هذا الرجل إلى إيران فصلى خلف الخميني، وهو الذي كان يكفره، صلى خلفه وقد مرت به هذه النصوص، وهو يعلم أن الصلاة خلف الرافضي لا تصح وتجب إعادتها، إذا صلى خلفه مسروراً أو مكرهاً أو خائفاً، وجبت عليه الإعادة ولو إيماءً، فصلى خلفه ثم أتى إلى مصر وهو يشيد بثورة الخميني، ويقول: لقد جالسته فوجدته صالحاً! والله كلاكما كاذب، وأنت ما سافرت إلا ليقال: فلان سافر، وفلان رحل، وفلان قابل الزعيم الشيعي وغير ذلك.
قال روح بن عبادة: [سمعت منادياً ينادي على الفجر يقول: إن الأمير أمر ألا يبايع زكريا بن إسحاق ولا يجالس، فمن فعل ذلك فقد حلت به العقوبة لموضع القدر].
أي: بعلة القدر.