والدلالة على أنها اعتقاد بالقلب قوله تعالى:{وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات:١٤] أي: كماله وتمامه ليس موجوداً؛ ولكنه سيوجد في المستقبل، وقول الله تعالى:{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات:٧]، وموطن هذا الحب هو القلب:{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ}[الحجرات:٧]، وتفسير الآية: وحبب وزين الإيمان في قلوبكم.
إذاً: الحب والتزيين للإيمان محله القلب، ولذلك محبة هذه الكلمة شرط في صحة إيمان من قالها، ولذلك من قالها وهو يبغضها لا يكون عند الله مسلماً مؤمناً.
وقال تعالى:{أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ}[المجادلة:٢٢] أي: فرض في قلوبهم الإيمان، أي: جعله فرضاً في القلب لا يغادره، فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ}[المائدة:٤١]، يقول بلسانه: أنا مؤمن كمال الإيمان، أما قلبه فليس فيه من الإيمان حبة خردل، ومحل الإيمان هو القلب.
وحديث أبي برزة الأسلمي وبريدة بن الحصيب والبراء بن عازب كلهم يروي عن النبي عليه الصلاة والسلام:(يا معشر من آمن بلسانه ولما يدخل الإيمان قلبه -يعني: يا معشر من زعم أنه مؤمن بلسانه ولما يدخل الإيمان قلبه- لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من اتبع عورتهم اتبع الله تعالى عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته)، أي: الجزاء من جنس العمل.
وهذا يدل على أن محل الإيمان في القلب.
والأدلة على أنه اعتقاد بالجنان -أي: القلب- قال الله عز وجل:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة:٥]، فالعبادة على القلب والجوارح، ((مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ)) فأعاد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة على إخلاص العبادة لله عز وجل.