[إشكال حول حديث جعل ذنوب ناس من هذه الأمة على اليهود والنصارى والجواب عليه]
قال: [عن أبي موسى الأشعري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليجيئن ناس من أمتي بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى).
قال أبو بردة: فحدثت به عمر بن عبد العزيز -وهذا يقوله لـ غيلان بن جرير - فقال: آلله سمعته من أبيك يحدث به عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
فـ عمر يستوثق من أبي بردة أنه سمعه من أبي موسى الأشعري، أي: من أبيه؟ قال: نعم.
وقوله:(ليجيئن ناس من أمتي بذنوب أمثال الجبال، يغفرها الله عز وجل)، أي: يغفرها بسبب توبتهم، أو لعل لهم من الأعمال الصالحة ما يكافئ مغفرة ذنوبهم، ولهم من الأعمال والرصيد في الطاعة الشيء الكثير الذي يؤدي إلى مغفرة هذه الذنوب، ويبدو أن هذه الذنوب كثيرة جداً؛ لأنها أمثال الجبال، ولكن الله تعالى يغفرها لهم ويضع هذه الذنوب على اليهود والنصارى.
وهذا الحديث عند مسلم في صحيحه في كتاب التوبة.
وربما يقول قائل: قال الله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام:١٦٤]، فما بال هذا اليهودي والنصراني يتحمل ذنوب المسلم، والأصل أن يتحمل كل إنسان ذنبه الذي اقترفه؟ وأقول: هذا حق، وليس هذا معنى الحديث، وإن كان هذا باد في ظاهره إلا أنه ليس مراداً على الحقيقة، والمراد هو أن الله عز وجل جعل لكل مخلوق مكانه في النار ومكانه في الجنة، فإذا مات الكافر اطلع على مكانه في الجنة ثم قيل له: هذا مكانك لو أنك آمنت، ثم يطلع على مكانه في النار ويخلد فيها أبد الآبدين، فيبدل الله عز وجل المسلم مكان الكافر في الجنة مع مكانه الأصلي، فهذا المسلم إنما دخل الجنة رغم ذنوبه لكن الله تعالى غفرها، وأدخل هذا اليهودي أو النصراني المكان الذي أُعد للمسلم في النار بسبب كفره ويهوديته ونصرانيته، لا بسبب ذنوب المسلم التي وضعت على هذا الكافر.
فهو تبديل مكان في الجنة أو النار، فالمسلم يغفر الله تعالى له ويدخله الجنة، وأما الكافر فإن الله لا يغفر له ويدخله النار، وهذا معنى الحديث.