لأن ذلك مستحيل شرعاً وعقلاً، والواقع أن الله تعالى هو الذي يحيط خلقه بعلمه، أما هو سبحانه يُعلم ولا يحاط به علماً، فهو معلوم الوجود، وأنه واجب الوجود، كما قال تعالى:{وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}[البقرة:٢٥٥].
فهم لا يحيطون بذاته ولا بصفاته ولا بأفعاله علماً، والنزول والمجيء من أفعال ربنا تبارك وتعالى، فينتهي علمنا فيهما وفي غيرهما من أفعال ربنا تبارك وتعالى بمعرفة المعنى العام أنه يأتي وأنه يجيء، أما كيف يأتي وكيف يجيء فهذه ليست لنا ولا نعرفها، بل ولا يعرفها ملك مقرب ولا نبي مرسل، فكيف يدعي هؤلاء صرف هذه النصوص عن ظاهرها؟ وتعطيل النصوص بالضرورة يستلزم تعطيل صفات المولى تبارك وتعالى.
ومما يؤمن به أهل السنة والجماعة: أن الله تعالى يحدث من أمره ما يشاء، ومما يحدثه في نهاية المطاف لهذه الدار: أن يأمر الشمس أن تطلع من مغربها بدلاً من طلوعها من مشرقها؛ إعلاناً وإعلاماً لنهاية هذه الحياة، وهنا يغلق باب التوبة، ولا يقبل إيمان ممن يريد أن يؤمن، أو عمل صالح ممن يريد أن يعمل عملاً صالحاً.
ثم إذا جمع الله الأولين والآخرين يأتي يوم القيامة ليحاسب عباده، كما قال تعالى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}[الزلزلة:٧ - ٨].
وهناك يتميز المؤمن الصادق الذي كان يعمل بصدق ويقين {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}[القلم:٤٢]، فيأتي الرب تبارك وتعالى فيعرفه المؤمنون بعلامته الخاصة، وهي ساقه تبارك وتعالى، فيسجدون له سبحانه سجود تعظيم وشكر في آن واحد، ويحاول المنافقون والمراءون أن يسجدوا كسجود المؤمنين، فيجعل الله تبارك وتعالى ظهورهم طبقاً واحداً، فإذا أرادوا أن يسجدوا لله خروا على ظهورهم؛ لأنهم لم يكونوا يسجدون لله في الدنيا، ومن سجد منهم إنما سجد مرائياً منافقاً، ولم يكن يسجد لله بصدق وإيمان ويقين.
إذاً: هذه الصفة ثابتة لله عز وجل على الوجه اللائق، ونقول فيها كما نقول في غيرها من بقية الصفات.