للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رد ابن تيمية على من نفى الصفات عن الذات]

قال ابن تيمية: وإذا قال من قال من أهل الإثبات للصفات: أنا أثبت صفات لله زائدة على ذاته فحقيقة ذلك أننا نثبتها زائدة على ما أثبته النفاة من الذات.

وهذا كلام جميل جداً، فهو يريد أن يقول: النفاة لم يثبتوا تلك الصفات الزائدة على الذات، وأما نحن فنقول: إن الذات متصفة بصفات، والنفاة سموا نفاة؛ لأنهم نفوا تلك الصفات الزائدة على الذات، وقالوا: نحن نثبت الذات فقط، وأما هذه الصفات فإنا نؤولها أو نعطلها، أي: يصرفونها عن ظاهرها، أو يعطلونها تماماً.

وابن تيمية عليه رحمة الله -وهو سيد المثبتين على منهج السلف- يقول: إنما نثبت لله تبارك وتعالى إثباتاً بلا تمثيل، وننزهه تنزيهاً بلا تعطيل.

والكلام في هذا الأمر أظنه يطول جداً.

فإذا علم هذا الأصل العظيم الذي لا يضل من تمسك به فليعلم أن النصوص جاءت صريحة صحيحة في إثبات الوجه لله تعالى، وقد تقدم بعضها.

ومن أنكرها فإنما ينكر على الله تبارك وتعالى قوله، وعلى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام خبره، وهذا من أعظم الضلال وأقبح الباطل، قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:٦٥].

ومن رد آيات الصفات وأحاديثها أو حرفها فهو والله بمعزل عن هذا التحكيم.

وقول ابن حامد: ولا نجوز إثبات الرأس قصده في ذلك أن النص لم يأت به، ولو جاء النص به لكنا أول القائلين به؛ تفادياً من مخالفة الله ومخالفة رسوله عليه الصلاة والسلام، وقد قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣].

قال الإمام أحمد رحمه الله: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.

فلما لم يأت النص بإثبات الرأس لله تعالى لم يقل به ابن حامد، وأي عيب في هذا؟ ومنه يظهر أن إنكار ابن الجوزي ليس في محله؛ لأن ابن حامد أثبت لله وجهاً، وهكذا جاءت النصوص، فمن أنكر على ابن حامد فإنما يرد الآيات والأحاديث الصحيحة، وهذا ضلال بعيد وزيغ عظيم، نسأل الله تعالى السلامة والعافية.