[القاعدة الثانية: إثبات الصفات على مراد الله ومراد رسوله، ووجوب الإيمان بذلك]
القاعدة الثانية: إثبات الصفات على مراد الله عز وجل، وعلى مراد الرسول صلى الله عليه وسلم ووجوب الإيمان بذلك دون بحث في الكيفية، فإنه ما من أحد خاض في كيفية أسماء الله وصفاته إلا حار وظل وتاه.
فمنهم من تاب، ومنهم من مات على بدعته؛ لأن صفات المولى تبارك وتعالى تصعد فوق حد الخيال العقلي والتصور الذهني.
فإذا فكرت في كيفية نزول المولى تبارك وتعالى، أو في كيفية غضبه أو فرحه لا يمكن أبداً أن تدرك حقيقة ذلك، ولكن الله تعالى أخبرك أنه ينزل، فأنت تؤمن إيماناً جازماً بأن الله تبارك وتعالى ينزل ويفرح ويضحك، ويغضب ويسخط، لكن لا تعلم كيفية هذا النزول، ولا كيفية هذا الغضب، ولا كيفية هذا الضحك، ولا يضحك ربي كضحكي؛ لأنني أضحك ضحكاً يستلزم فماً ونواجذ وأسناناً ولساناً، والمولى تبارك وتعالى لم يثبت ذلك لنفسه، فضحكي يناسبني أنا، أما ضحك المولى تبارك وتعالى فإنه ضحك يتناسب مع ذاته العلية، فلذلك أهل السنة لم يخوضوا قط في كيفية الصفات.
دخل رجل على مالك بن أنس رحمه الله تعالى وقال:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] كيف استوى؟ قال: الاستواء معلوم.
لأن الله تعالى أخبرنا أنه استوى، ولذلك لا يجوز لنا أبداً أن نفوض العلم.
واستوى بمعنى: علا وارتفع، فإثبات الفوقية لله عز وجل أمر معلوم لدينا لا نشك في ذلك، والعرش لا يحويه ولا يستلزم هذا حداً؛ لأن من قال بالحد فهو مبتدع.
ثم قال مالك: والكيف مجهول.
يعني: استواء المولى تبارك وتعالى لا يعلمه إلا المولى تبارك وتعالى؛ لأن استواءه لنا غيب، فنثبت لله تبارك وتعالى الاستواء على الكيفية التي أرادها المولى عز وجل لنفسه.
قال مالك: والسؤال عنه بدعة.
وخوض في الباطل، وكلام على الله بغير علم، وهذه القاعدة تقال في كل صفة من صفات المولى تبارك وتعالى.